وهنا مسألة أيضاً وهي: أن من استأذن ثلاث مرات، وتأكد أنهم سمعوه فله حالتان: الحالة الأولى: أن يتحقق أنهم سمعوه بالفعل، ولم يأذنوا له.
الحالة الثانية: أن يغلب على ظنه ذلك.
أما المسألة الأولى: فإن تحقق وتأكد تماماً أنهم سمعوه، ولم يجب رب المنزل، فينبغي أن يفهم المستأذن أن رب المنزل لا يرغب له في الإذن بالدخول؛ وحينئذ عليه أن ينصرف، حتى ولو تأكد أن صاحب المنزل موجود بداخله، ولا شك أنّ من اللباقة ومن الذوق ألاّ يتخذ هذا الأمر ذنباً لا يغفر، وإذا قابله بعد ذلك يقول له: أتيت وطرقت الباب فلم ترد عليّ! فيوبخه، ويلومه، ويعنفه، وهذا لا ينبغي؛ بل عليه أن يتغاضى ويتغافل عن هذا، ولا يعاتبه، ولا يحوجه إلى الاعتذار، ولا يضطره إلى أن يذكر له السبب الذي من أجله لم يفتح له، فضلاً عن التوبيخ.