قد ذكرنا أن هذا التخاصم يبلغ ذروته، فيتخاصم الإنسان مع أعضائه، ويكون هو شهيداً على نفسه.
ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هناك تخاصماً يكون بين الروح والبدن، فيقول ابن عباس: يختصم الناس يوم القيامة حتى تختصم الروح مع الجسد، فتقول الروح للجسد: أنت فعلت، ويقول الجسد للروح: أنت أمرت، وأنت سولت، فيبعث الله ملكاً يفصل بينهما، فيقول لهما: إن مثلكما -يعني: الروح والجسد- كمثل رجل مقعد بصير -أي: لا يستطيع المشي؛ لأنه مقعد، لكنه بصير يرى-، وآخر ضرير -يعني: لا يرى، لكنه يستطيع أن يمشي- دخلا بستاناً، فقال المقعد للضرير: إني أرى هاهنا ثماراً ولكن لا أَصِل إليها، فقال له الضرير: اركبني فتناولها، فركبه فتناولها، فأيهما المعتدي؟ فيقولان: كلاهما، فيقول لهما الملَك: فإنكما قد حكمتما على أنفسكما.