للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تدمير الفيديو لأخلاق الأجيال]

من مفاسد الفيديو تلك الظاهرة التي انتشرت، وملخص القصة أن مالك إحدى المدارس ذهب إلى صاحب مقهى يرجوه أن لا يقدم أفلام الفيديو في الصباح؛ لأن المدرسة خلت تماماً من التلاميذ، ولما لم يستجب له صاحب المقهى طلب معاونة البوليس.

أب أيضاً اقتنى جهاز الفيديو وعاد فوجد أولاده أتوا بشريط قذر، وجلس جميع الأولاد ينظرون إليه، فحطم الأب الجهاز تحطيماً وكسره تكسيراً.

مثل هؤلاء الآباء هم أولى أن يسجنوا وأن يوضعوا في الأحداث، وليس الأبناء المساكين؛ لأنك أنت الذي أتيت بهذه الأشياء في البيت، ولتجدن إثمها ولو بعد حين، وستذوق ثمرتها.

من ذلك أيضاً ظاهرة الهروب من المدرسة كما ذكرنا، فقد جاء في صحيفة الأهرام: كان أمراً غريباً أن تتجاوز أرقام الغياب نصف تلاميذ المدرسة، وباتت الفصول الدراسية شبه خاوية نتيجة لغياب التلاميذ، ولم يكن أمام ناظر المدرسة إلا أن يفزع إلى مدير أمن الجيزة ويضع أمامه أبعاد المشكلة والمخاطر التي تهدد مستقبل التلاميذ، وضرورة التوصل إلى حقيقة الأمر قبل أن يتفاقم الخطر وتمتد العدوى إلى باقي التلاميذ.

فلم يكن ناظر المدرسة وحده الذي يعاني من مشكلة غياب تلاميذ مدرسته، فقد كانت مشكلة عامة عانت منها بعض المدارس الأخرى المجاورة التي تجاوز فيها أعداد الغائبين من تلاميذ تلك المدرسة النسب المعقولة، وأحال مدير الأمن بلاغ ناظر المدرسة لمدير المباحث لدراسته، وقاد رئيس قسم مكافحة جرائم الآداب العامة فريقاً للبحث، وبدأ تنفيذ خطة العمل بالانتشار في الأماكن القريبة من المدرسة والمدارس المجاورة، ومراقبة التلاميذ في خفاء، ومتابعة خطواتهم والطرق التي يسلكونها، ولم يدم الأمر طويلاً وبدأت الحقائق تتكشف حين تبين أن معظم التلاميذ يسلكون طريقاً واحداً يؤدي إلى حظيرة مواشي يتوقفون أمامها قليلاً لترقب الطريق، ثم يسرعون بعدها بالدخول في حذر حيث يقضون الساعات الطويلة بداخلها إلى حين حلول موعد انصرافهم من المدرسة، ويعودون بعد ذلك إلى بيوتهم.

واكتملت الصورة، ولم يتبق سوى معرفة ما يدور داخل المكان، حتى تمكن ضابط الآداب من التسلل إلى داخل الحظيرة بعد أن دفع مبلغاً من المال في الوقت الذي انتشر فيه رجال الكمين لمحاصرة المكان، وكانت المفاجأة أن وجد الضابط أن حظيرة مواش مظلمة قد امتلأت عن آخرها بتلاميذ المدارس الهاربين الذين جلسوا متراصين على مقاعد خشبية، واستغرقوا في مشاهدة أحد أفلام الفيديو القذرة، فألقي القبض على صاحب الحظيرة وعلى التلاميذ، وتمت مصادرة مجموعة شرائط الفيديو.

هذا من الحصاد المر الذي جناه المسلمون من هذا الجهاز.

أيضاً أضعف الجهاز سلطان الأسرة، فاضمحلت القيم والآداب التي كانت الأسرة تعلمها، وحل محلها قيم التلفزيون المشتقة من الأفلام والمسرحيات والتمثيليات، عطلت الأمور النافعة التي كان يمارسها الأبناء والشباب كالقراءة والكتابة أو الرياضات النافعة، وإذا بالتلفزيون يصور الخمول والكسل والخواء الفكري لدى الإنسان، فلست أنت الذي تتحكم فيه بل هو الذي يتحكم فيك ويغير من نظم حياتك.