ما هو تعريف الحسد؟ الحسد كالسحر يتعذر تعريفه منطقياً لخفائه؛ لأنه شيء خفي، بل الحسد أشد خفاءً من السحر؛ لأن الحسد عمل نفسي، وأثر قلبي، وقد قيل في محاولة تعريف حقيقته: إنه إشعاع غير مرئي، ينتقل من قلب الحاسد إلى المحسود عند تحركه بقلبه على المحسود، وقد شبه حسد الحاسد بالنار.
ومعروف أن الحسد هو: تمني زوال نعمة الغير، هذا تعريفه من ناحية الواقع.
أما من حيث حقيقة تأثير الحسد كيف تتم؟ فيقول بعض العلماء: إنه إشعاع كأي نوع من الإشعاعات التي لا تراها، لكن في الحقيقة هي موجودة لا ينكر وجودها، فمثلاً: أشعة إكس -التي تفعل للعظام- تنفذ من الأجسام، فيستعينون بها في تشخيص بعض الأمراض، فهذه الأشعة نحن لا نراها، لكن نؤمن بوجودها، والذي ينكر الحسد لأنه لا يرى بالحواس الخمس، نقول له: لماذا يؤمن بأمور الغيب كأمور الآخرة وهذه الأشياء؟ فأين الإيمان بالغيب في هذه أيضاً؟ لكن من حيث الحقيقة نحن ندرك شيئاً اسمه حسد واقع في الحقيقة، ويثبته الشرع، وهو موجود واقعاً وتجربة، وهذا أمر مستفيض في الناس، أعني وقوع أثر هذه النفوس الخبيثة كما سيأتي إن شاء الله.
فقالوا: إنه إشعاع غير مرئي، لكن لا نجزم ما هي كيفيته بالضبط، وقد حاول بعض العلماء تعريف الحسد فقالوا: إنه إشعاع غير مرئي ينتقل من عين الحاسد، أو يأتي من روح الحاسد، ونفسه الخبيثة التي تحسد إلى المحسود، وننسب الحسد إلى العين لأن العين هي الوسيلة التي يرى بها نعم الله على العباد، فينتقل هذا الشعور من قلب الحاسد إلى المحسود في حالة معينة عند تحرق قلبه على المحسود، وعند اشتعال نار الحقد والغضب على نعمة الله سبحانه وتعالى على هذا المحسود، فيؤثر بإذن الله في هذا المحسود، ولذلك شبهوه بالنار، كما قال بعضهم: اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله وقال بعض الحاسدين بعدما تاب من الحسد: كنت إذا حسدت رجلاً أجد حرارة في عيني.
يعني: كأن عينه تشتعل فيها حرارة من شدة تغيظه على نعمة الله على خلقه.
وقالوا: الحسد هو: اسم يقع على إرادة زوال النعم عن الغير، وحلولها فيه، أو إرادة عدم حصول النعمة للغير شحاً عليه بها.