للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اجتناب حلق اللحى]

كذلك بعض الناس يتزينون بحلق اللحية، وهذه معصية، والإصرار عليها يجعلها من الكبائر؛ لأنها ضمن الفسق: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ} [البقرة:١٩٧] الفسوق ذكرنا أنه يدخل فيه جميع المعاصي، فمن المعاصي المحرمة في الحج وفي غير الحج، وفي حالة الإحرام وفي غير الإحرام: أن يحلق الإنسان لحيته مضادة لأمر الله تبارك وتعالى، فهذا مما يشيع أيضاً في المسلمين في هذا الزمان، معاندة لأمر الله تبارك وتعالى.

والأدلة باختصار شديد جداً على تحريم هذه المعصية: أولاً: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها حيث قال: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) ويقول تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا} [الأحزاب:٣٦]، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام ظاهره الوجوب، فينبغي امتثاله، وعدم التحذلق والتنطع والتفلسف لإبطال أمر النبي وتعطيله.

الأمر الثاني: أن في حلق اللحية تغييراً لخلق الله بدون إذن من الشرع، فالهيئة التي خلقك الله عليها ينبغي أن تحافظ عليها فلا تغيرها، إلا ما ورد الدليل باستثنائه، فهذا يجوز تغيير خلق الله فيه، بل قد يجب.

من ذلك مثلاً: نتف الإبط، وحلق العانة، والختان، وتقليم الأظفار، كل هذا تغيير لخلق الله، لكنه تغيير بأمر من الشارع؛ لأنه من خصال الفطرة.

والذي يأمر بتغيير خلق الله هو الشيطان قال تعالى عنه: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء:١١٩]، فحلق اللحية فيه تغيير لخلق الله.

وأيضاً فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النساء، فقال: (لعن الله النامصات والمتنمصات، والواشمات والمستوشمات، والمتفلجات بالحسن المغيرات خلق الله) فإذا كان قد حرم على النساء أن يتزين بهذه الأنواع من الزينة المحرمة التي فيها تغيير لخلق الله، فأولى أن يحرم ذلك على الرجال.

الأمر الثالث: أنها من سنن الفطرة، فسنن الفطرة بعضها واجب، وبعضها في وجوبه خلاف، ولكن على الأقل ينبغي الاستمساك بالفطرة وسنن الأنبياء، وما كانوا عليه أجمعون.

ومن ذلك أن في حلق اللحية تشبهاً بالنساء، فالله عز وجل خص الرجال على النساء بوجود اللحية في وجوههم، بل اللحية من نعم الله تبارك وتعالى على الرجال، فحلقها كفر بهذه النعمة؛ لأنها من خصال الذكورة والفحولة والرجولة، وقد (لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهين من النساء بالرجال، والمتشبهات بالرجال من النساء).

أيضاً: في حلق اللحية تشبه بالكفار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (خالفوا المجوس -أو خالفوا المشركين أعفوا اللحى وأحفوا الشوارب).

ورد الأمر بإعفاء اللحية بخمس صيغ: (أعفوا اللحى، أوفوا اللحى، أرجوا اللحى، أرخوا اللحى، وفروا اللحى)، ومعناها كلها تركها على حالها لا يقربها، والأدلة في هذا الأمر كثيرة، والكلام في هذا يطول، لكن مما يؤسف له أن المسلم قد يموت قريبه، فإذا أراد أن يظهر الجزع والحزن ترك لحيته، إظهاراً للجزع لا طاعة لله ورسوله، أو انصياعاً وراء الآراء والتقاليد الفاسدة.