الأمر السابع: هذا التمثيل والجلوس والوقوف أمام هذه الأصنام ما هو إلا تضييع للوقت الثمين النفيس الذي لا يعوض، وقد أوضح الله تعالى مسألة الوقت في سورة العصر، وسورة العصر تصلح لأي مجلس فيه تذكير وأمر بمعروف أو نهي عن منكر، فهذا الوقت أقسم الله عز وجل به فقال:{وَالْعَصْر * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}[العصر:١ - ٢] كل بني آدم في خسر {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر:٣] فهذا هو الميزان، الميزان الحساس لنقيس به الأفعال والتصرفات والأشخاص، فهل الذين يجلسون في بيوت التمثيل يعلمون الناس الفسق والفجور {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر:٣]؟! كلا، إذاً هم في خسر، والذي يقتدي بهم ويحبهم وينقاد لضلالهم في خسر، قال الله عز وجل:{وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف:٢٨]، وقال عز وجل:{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى * فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى}[طه:١٥ - ١٦]، وقال تعالى:{أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ}[الكهف:١٠٢].
فينبغي مجانبتهم والحرص على هذا الوقت الثمين، ويكفي استدلالاً على شرف الوقت -بالإضافة إلى ما ذكرناه سابقاً- أن الإنسان لو بذل كل مال الدنيا وكل علم الدنيا وكل طاقات الدنيا، واجتمع كل من في السماوات والأرض ليعيدوا لحظة قد فاتته من أمسه لا يستطيع أبداً، فاليوم والوقت الذي يفوت إما لك وإما عليك، فما هناك طريقة لتداركه إلا أن يتوب الله على الإنسان، فالوقت ثمين، وهو جزء من عمرك، وإذا ذهب الوقت ذهب بعض منك فلا يعود أبداً.