[توبة آدم وحواء عليهما السلام إلى الله تعالى]
إن تلك الكلمات التي تضرع بها آدم عليه السلام إلى الله تبارك وتعالى توبة وإنابة لا تكون إلا بأسماء الله الحسنى، وصفاته العليا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:٢٣].
فآدم عليه السلام توسل إلى الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وهذا هو طريق الدعاء والمناجاة، وكان هذا قبل أن يهبطه الله تعالى إلى الأرض كما هو رأي بعض العلماء.
فبعد أن أهبطه الله إلى الأرض ذكّره ثانية بعداوة إبليس له، وأنه مصدر شر له، وبين الله سبحانه وتعالى أنه لا نجاة لك يا آدم ولا لذريتك إلا بأن تتبعوا الوحي الإلهي.
فهذه بكل سهولة حقائق هذا الوجود، يقول تعالى: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه:١٢٢].
إذاً: فقضية خطيئة آدم قد انتهت، والله تعالى يقول: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} [النجم:٣٨ - ٤٠]، وهذا في صحف إبراهيم وموسى، أي: أنه كلام في الكتب السابقة.
فخطيئة آدم عليه السلام انتهت، فقد تاب الله عليه بعدما تاب هو إليه سبحانه وتعالى.
ولكن هذه المصيبة وهذه المعصية كانت سبباً في إنزال آدم إلى الأرض، لكن هل معنى ذلك أن الله لم يغفر لآدم؟ كلا، فقد انتهت خطيئة آدم تماماً، أما عملية التوريث وأن البشرية تورث هذه الخطيئة، ولا توجد طريقة تطهر الإنسان منها غير التعميد والتغطيس، فهذه الخرافات والأساطير أخذوها من الهنود وقدماء المصريين، فهذه العقيدة بكل تفاصيلها موجودة في المراجع الوثنية القديمة وفي أديان كثيرة، وهناك كتاب رائع في هذا الباب اسمه: (العقائد الوثنية في الديانة النصرانية).
فإنه يأتي بكل جذور الشرك التي أُخذت منها هذه العقيدة الخبيثة.
فالشاهد قوله تعالى: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى * قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:١٢٢ - ١٢٤].
وقال عز وجل حاكياً عن إبليس: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص:٨٢ - ٨٣].
إذاً: فهذه هي الحقيقة الأولى في تصحيح هذه المزاعم التي ذكرناها وهي: أنّ الله عز وجل خلق آدم عليه السلام منذ البداية خلقاً سوياً مستقلاً مكتملاً، وأنه بيّن له وظيفة محددة وهي: عبادته وحده لا شريك له، وأن آدم عليه السلام كان مؤهلاً لذلك، وأنه عرَّفه على نفسه منذ البداية، ولم يتركه ليتعرف عليه بطريقة التفكير والتأمل.