هذا طفل صغير لم يتجاوز سن البلوغ، كان سبباً في هداية أخيه من سماع الغناء المحرم، عرف ذلك الطفل حكم الإسلام في الغناء وتحريمه له، فانشغل عن الغناء بقراءة القرآن وحفظه، ولكن لابد من الابتلاء.
ففي يوم من الأيام خرج مع أخيه الأكبر في السيارة في طريق طويل، وأخوه هذا كان مفتوناً بسماع الغناء، فهو لا يرتاح إلا إذا سمعه، قام الأخ الأكبر بفتح المسجل على أغنية من الأغاني التي كان يحبها، فأخذ يهز رأسه طرباً، ويردد كلماتها مسروراً، لكن لم يتحمل ذلك الطفل الصغير هذه الحال، وتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) فعزم على الإنكار وهو لا يملك هنا إلا أن ينكر بلسانه أو بقلبه، فأنكر بلسانه وقال مخاطباً أخاه: لو سمحت! أغلق المسجل؛ فإن الغناء حرام، وأنا لا أريد أن أسمعه، فضحك أخوه الأكبر ورفض أن يجيبه إلى طلبه.
ومضت فترة وأعاد ذلك الطفل الطلب، وفي هذه المرة قوبل بالاستهزاء والسخرية، فقد اتهمه أخوه بالتزمت والتشدد إلى آخره، وحذره من الوسوسة، وهدده بأن ينزله في الطريق ويتركه وحده! وهنا سكت الطفل على مضض، ولم يعد أمامه إلا أن ينكر بقلبه، ولكن كيف ينكر بقلبه؟ إنه لا يستطيع أن يفارق ذلك المكان، فجاء التعبير عن ذلك بعبرة ثم دمعة نزلت على خده الصغير الطاهر؛ فكانت أبلغ موعظة لذلك الأخ المعاند من كل كلام يقال.
فقد التفت الأخ الأكبر إلى أخيه الصغير فرأى الدمعة تسيل على خده، فاستيقظ من غفلته، وبكى متأثراً بما رأى، ثم أخرج الشريط من مسجل السيارة ورمى به بعيداً معلناً بذلك توبته من استماع تلك الترهات الباطلة.