[سبب نشأة تسميات الفرق الإسلامية]
السؤال
ما السبب في نشأة هذه التسميات للفرق الإسلامية مع أنه كان يكفي اسم الإسلام؟
الجواب
بسبب انتشار البدع والضلالات والفرق التي عادت من جديد تحت أسماء مستعارة، فهناك خوارج في هذا الزمان، لكن تحت اسم جديد وهو التكفير والهجرة، هناك مرجئة تحت أسماء أخرى، هناك معتزلة قدرية، هناك جهمية، وهناك كثير من الضلالات موجودة، لكن تحت أسماء حديثة، والحقيقة واحدة.
فإذا قلنا: إن الإسلام يكفي فبأي اسم نميز أنفسنا عن هذه الضلالات لنقوم بالإسلام كما فهمه الصحابة الذين تربوا على يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما تلقته الأمة وفهمته وطبقته وجاهدت في سبيله حتى اجتمعت على إمامة أئمتها العدول؛ كالإمام أحمد والإمام أبي حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي، وكـ البخاري وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة والليث بن سعد، وكأئمة السنن والمسانيد والصحاح؛ كل هؤلاء اتفقت الأمة على أنهم أئمة وعدول، والأمة حينما تتفق على شيء وتجتمع فإنها معصومة من الضلالة.
فالأمة اجتمعت على إمامة هؤلاء القوم، فنتلقى عنهم ديننا، وهو دين له سند وله نسب، فهو دين أتى لنا بعقيدة مسندة وليست مخترعة.
بعض الناس ينسب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية أنه مؤسس المذهب السلفي، فنقول: السلفية ليست مذهباً؛ لأنها هي الإسلام الصحيح، هي الفهم القويم للإسلام كما تلقاه السلف وكما فهموه وكما طبقوه.
شيخ الإسلام كان له دور أساسي وهو أنه أزال الغبار عن هذه الدعوة، فـ شيخ الإسلام جدد شباب الدعوة السلفية، ولكن الذي أسس الدعوة السلفية هو الله سبحانه وتعالى، بدأ تأسيسها في شهر رمضان في غار حراء في الليلة التي نزل فيها الوحي، وبدأ تأسيسها بكلمة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:١]، وانتهت بـ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ} [المائدة:٣]، فإذا فهمنا حقيقة هذه الكلمة علمنا أنه لا ينجو إلا من كان سلفياً.
ولذلك تجد كل جماعة تريد أن تنسب إلى هذا الاسم، كل شخص يقول: نحن نتبع السلف، نحن نقتدي بالسلف، ولكن ينطبق عليهم قول بعض الشعراء: والدعاوى إن لم تقيموا عليها بينات أصحابها أدعياء لذلك كانت السلفية هي الترسانة التي حفظت تراث الأمة من التحريف، وتصدت لكل صور الانحراف وبالذات الانحراف في العقيدة.
علماء السلفيين في كل عصر من العصور يذبون عن هذه العقيدة، ويبذلون حياتهم من أجلها، فالإمام أحمد بن حنبل عذب حوالى سبع عشرة سنة من أجل مسألة واحدة فقط في العقيدة، ولم يفت بما يوافق أهواء الناس ليذب عن هذه العقيدة.
فالسلفيون أعظم الناس اهتماماً بأعظم ركن في الإسلام وهو العقيدة والتوحيد، ثم اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أبرأ الناس من البدع، وأشدهم تمسكاً وعلماً ومعرفة بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهم منتشرون الآن في أقطار الأرض شرقها وغربها، معروفون بهذه العلامات البارزة: ١ - محبتهم للسلف.
٢ - احترامهم للصحابة.
٣ - تقديم قول النبي عليه الصلاة والسلام على قول غيره من البشر كائناً من كان: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء:٧١] وإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم لا غير.
٤ - احترامهم للآداب الشرعية.
٥ - عدم استهزائهم بسنن النبي صلى الله عليه وسلم أو التهوين من شأنها.
٦ - الإلمام بما يجد من مشكلات العصر وصدور فتاوى اجتهادية من كثير من العلماء السلفيين لحل هذه المشكلات والإفتاء فيها.
٧ - الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى في كل عصر ومصر، ويكفي أن الدعوة الوحيدة التي استطاعت أن تقيم دولة منذ انحطاط قوة الخلافة الإسلامية هي الدعوة الوهابية التي قامت على المفاهيم السلفية وعقيدة التوحيد واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وإن كانت كلمة (وهابية) مصطلحاً محدثاً ولكننا نقول: أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير بن عطية الخطفي المجامع فالسلف هم أفضل الأمة على الإطلاق بنص القرآن، ومن ادعى اتباعه لهم أو الانتساب إليهم، فعليه أن يأتي بالدليل من الاهتمام بالتوحيد الذي هو مفتاح دعوة الرسل، وهو ركن الدين الأصيل؛ والاهتمام بالسنة والبراءة من البدع والبراءة من الشركيات بشتى صورها، والاهتمام بتزكية النفس طبقاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم لا طبقاً لخزعبلات المبتدعين من الصوفية أو المترهبنين أو غيرهم من أهل البدع.
فهذا هو الطريق الواضح، وهو طريق ثابت، وكل من تحرى الوصول إلى الحق في هذا الطريق فإنه يستطيع أن يصل بلا أدنى مشقة.