[تأييد الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم بخوارق العادات]
جاء في الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما في البخاري قال:(كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع -أي: إلى نخلة- في المسجد -أي: كان يعتمد على هذا الجذع أو يتكئ عليه وهو يخطب-، فلما اتخذ المنبر تحول إليه، فحن الجذع، فأتاه فمسح يده عليه، فلما أتى النبي عليه الصلاة والسلام يوم الجمعة ليخطب مر على هذا الجذع وجاوزه إلى المنبر الذي اتخذ له، فلما رأى الجذع ذلك حن أي: أصدر صوتاً كصوت الطفل الصغير الذي يحن إلى أمه- حتى أتاه النبي - أي: أنه نزل من على المنبر- وضمه إليه، وأخذ يمسحه، حتى سكن).
وفي رواية أخرى: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار -أو رجل-: يا رسول الله! ألا نجعل لك منبراً؟ قال: إن شئتم.
فجعلوا له منبراً، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمها إليه، فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكن، فقال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها) أي: كانت تحن إلى الذكر الذي كانت تسمعه حين يخطب عندها النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي رواية أخرى عن جابر رضي الله عنه قال:(كان المسجد مسقوفاً على جذوع من نخل، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها، فلما صنع له المنبر قام عليه، فسمعنا لذلك الجذع صوتاً كصوت العشار، حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها، فسكنت).
والعشار جمع عشراء، وهي الناقة التي انتهت في حملها إلى عشرة أشهر.
فهذا كله تأييد لقول من يحمل قول الله تبارك وتعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}[الإسراء:٤٤] على ظاهره، وهذا هو الصحيح.