يقول ابن قدامة رحمه الله: ولا يتكلم لما روى أبو سعيد رضي الله عنه حيث قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتيهما يتحدثان؛ فإن الله يمقت على ذلك) رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة وغيرهم، وحسنه النووي وصححه الحاكم وضعفه الألباني في تمام المنة.
قوله:(لا يخرج الرجلان يضربان) أي: يأتيان، تقول: ضربت الأرض إذا أتيت الخلاء، وتقول: ضربت في الأرض إذا سافرت، كقوله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ}[النساء:١٠١].
علق الإمام النووي رحمه الله تعالى على ما ذكره الشيرازي في كراهة الكلام عند قضاء الحاجة فقال: هذا الذي ذكره المصنف من كراهة الكلام عند قضاء الحاجة متفق عليه.
قال أصحابنا: ويستوي في الكراهة جميع أنواع الكلام، ويستثنى مواضع الضرورة، بأن رأى ضريراً قد يقع في بئر، أو رأى حية أو غيرها تقصد إنساناً أو غيره من المحترمات، فلا كراهة في الكلام في هذه المواضع، بل يجب في أكثرها، فإن قيل: لا دلالة في الحديث المذكور على ما ادعاه المصنف؛ لأن الذم لمن جمع الأوصاف المذكورة في الحديث كلها، قلنا: ما كان بعض موجبات المقت فلا شك في كراهته.
والمراد حديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا يخرج الرجلان يضربان الغائط) يعني: يأتيان الغائط: (كاشفين عن عورتيهما يتحدثان؛ فإن الله يمقت على ذلك) فبعض الناس بناء على صحة الحديث يقول: إن المقت من الله إنما هو على كشف العورة والكلام لا على الكلام فقط، فلا ينطبق الحديث إلا على من جمع بين هاتين الخصلتين: كشف العورة، والتحدث، ف