قضية الولاء والبراء أكثر القضايا أدلة بعد قضية التوحيد، وأشد الناس حفاظاً على مفاهيم الولاء والبراء هم العلماء السلفيون، فموقفهم صارم من قضية التشبه بالكفار، وتذويب الهوية الإسلامية، ولعل أبرع وأنفس كتاب ألف في ذلك هو اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، حتى أن الغماري -رغم عداوته الشديدة لـ ابن تيمية، وشتمه له في كل كتبه عندما يذكر هذا الكتاب لا يملك نفسه من الإعجاب بـ شيخ الإسلام، حتى إنه لا يذكر اسمه وإنما يكنيه فيقول: قال أبو العباس يعني بذلك: شيخ الإسلام ابن تيمية؛ تكريماً له وإعجاباً بكتابه هذا.
السلفي يتصدى لمحاولة تمييع الإسلام، وتقسيمه إلى قشر ولب، كما يفعل بعض الناس ويقول لك: أنا متمسك بروح النصوص، وهم -علم الله- لا يرضيهم إلا إزهاق روح هذه النصوص! السلفيون هم الذين يقومون بالتصدي للغزو الفكري الدخيل، يقول المستشرق شاتليه: إذا أردتم أن تغزو الإسلام، وتخمدوا شوكته، وتقضوا على هذه العقيدة التي قضت على كل العقائد السابقة واللاحقة لها، والتي كانت السبب الأول والرئيسي لاعتزاز المسلمين وشموخهم، وسبب سيادتهم وغزوهم للعالم؛ فعليكم أن توجهوا جهود هدمكم إلى نفوس الشباب المسلم والأمة الإسلامية، بإماتة روح الاعتزاز بماضيهم.
وهذا هو الانتماء إلى منهج السلف والإعجاب به، الآن الطلاب يدرسون حضارة الغرب، ويحفظون سير مفكريهم وتاريخهم؛ حتى تقطع الصلة بشريان الحياة -الذي هو الاعتزاز بهذا المجد- الذي يمثل القمة بالنسبة إلينا، والذي حققه السلف الصالح، يقول هذا المستشرق: عليكم أن توجهوا جهود هدمكم إلى نفوس الشباب المسلم والأمة الإسلامية، بإماتة روح الاعتزاز بماضيهم، وكتابهم القرآن، وتحويلهم عن كل ذلك بواسطة نشر ثقافتكم وتاريخكم، ونشر روح الإباحية، وتوفير عوامل الهدم المعنوي، حتى ولو لم نجد إلا المغفلين منهم والسذج والبسطاء لكفانا ذلك؛ لأن الشجرة يجب أن يتسبب لها في القطع أحد أغصانها.