هناك فتوى لفضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف رحمه الله المفتي السابق لمصر وعضو مجمع البحوث يقول فيها: لقد أصدرت فتوى بهذا الموضوع بالذات مطبوعة في الفتاوى، خلاصتها: أنه لا يجوز تحديد النسل لغير ضرورة شرعية يقدرها الأطباء المسلمون المختصون، أخذاً من قوله تعالى:{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}[الأنعام:١٥١]، وكانوا في الجاهلية يقتلون الأولاد خشية الفقر وعدم القدرة على القيام بتربيتهم.
ولقد تناولت الفتوى أن الإجهاض وأخذ الأدوية لمنع الحمل غير جائز شرعاً إلا للضرورة الصحية التي يقررها الأطباء المسلمون الصادقون، وعلى ذلك فلا يجوز أخذ الحبوب التي تمنع الحمل، مع العلم أنه لا يجوز إسقاط الحمل الذي نفخت فيه الروح؛ لأنه قتل لذي روح فهو لا يجوز، والفتوى بهذا منشورة منذ أكثر من عشرين عاماً في الصحف، والله المستعان.
يقول الشيخ مخلوف: وقد سمت الصحف تحديد النسل باسم: تنظيم النسل، والمعنى واحد، والمقصود واحد، وكله اتباع لآراء غير المسلمين الذين يرون في كثرة عدد المسلمين خطراً عليهم وعلى مدى دينهم، فيحاولون بجميع الوسائل تنقيص عدد المسلمين؛ سعياً وراء إضعافهم في بلادهم، وفي الدفاع عن دينهم.
يقول الشيخ مخلوف رحمه الله: وقد عثرت على رسالة وجهها أحد الرؤساء المسيحيين إلى الأطباء منهم، يحذرهم من منع الحمل بين طائفتهم، ويدعوهم إلى منع ذلك بينهم منعاً باتاً، بينما يدعوهم إلى مساعدة من يريد التحديد أو يريد التنظيم إذا كان من المسلمين، أملاً في أن يقلّ عدد المسلمين، ويكثر عدد غيرهم من غير المسلمين، وهذا المنشور قرأته بنفسي منذ بضع سنين، وهو منشور سرّي كتبه هذا الزعيم المسيحي، ونشره بين أبناء ملّته سراً؛ ليعمل به أطباؤهم، وينفذه حين يعرض عليهم الأمر، وخلاصته: تقليل عدد المسلمين، وتكثير عدد غير المسلمين، وبعبارة أخرى: إضعاف المسلمين وتقوية غير المسلمين في مجال الحياة، والله لا يهدي كيد الخائنين.
وهذا معروف من نشاطهم وخيانتهم، حتى في العمليات الجراحية، فقد ضبط كثير من الأطباء أنهم في أثناء العملية يستأصل بعض الأجزاء من المرأة بحيث لا تستطيع الحمل، ولا تدري بذلك، وتوجد قصص كثيرة في ذلك، قال بعض السلف: الخيانة عشرة أجزاء، تسعة منها في الكافرين.
وأحد هؤلاء المجرمين الأطباء النصارى الجزارين كان مشهوراً جداً بنشاطه الخطير في عملية الإجهاض وتقليل النسل والتعقيم وغيرها، وكانت عيادته في شارع محرم قريباً من مسجد أولاد الشيخ، وقد أهلكه الله -ولله الحمد- منذ سنوات، وكان هذا الرجل في عيادته، وفي إحدى المرات ذهبت إليه امرأة، وكان اسمها من الأسماء المائعة التي لا يتميز فيها المسلم عن غير المسلم، فظن أنها كافرة على ملّته، وعرف أنها تريد الإجهاض، فسألها عن اسمها، فظن بغبائه أنها نصرانية مثله، فانقلب تجاه وجهها، وأخذ يقذفها بوابل من الشدة والغلظة والمعاتبة والتقريع والتوبيخ ويقول: كيف تفعلين هذا؟! نحن لا نعمل هذا لأبناء ملّتنا، هذا ليس لنا نحن، فخرجت المرأة المسلمة من عنده وهي تنوي ألا تحدد نسلها أبداً بعدما سمعت هذا الرجل يقول: إنما نفعل هذا لغيرنا، ونحن لا شأن لنا بمثل هذه الأمور!! والدكتور عبد العزيز الدردير حفظه الله له كتاب يسمى:(لمصلحة مَنْ تحديد النسل أو تنظيمه؟!) يقول فيه: وإنني شخصياً لا يعجبني موقف رجال الكنيسة، فلم أر منهم من تكلم في موضوع تحديد النسل، فلم يكتب واحد منهم في هذا الموضوع كتاباً، ولم يلق أحد منهم فيه خطبة، ولم يصدر واحد منهم فيه فتوى، لا بحل ولا بحرمة، ولم يتكلم واحد منهم في هذا الموضوع بخير ولا شر، وقد يكون لهم في ذلك عذر، حيث إن الكلام في هذا الموضوع قد لا يعجب بعض المسئولين، وقد يتهم المتحدث فيه بمخالفة سياسة الدولة، فهم قد وفروا على أنفسهم ذلك كله، وأخذوا في داخل كنائسهم يعملون بكل قوة ونشاط على تكثير عددهم، وذلك عن طريق وصية القسس لرواد الكنائس بالعمل على كثرة التناسل، وإلقاء التعليمات إلى الأطباء المسيحيين بألا يوافقوا أي امرأة مسيحية على إيقاف نسلها، ولقد تكاثرت أعدادهم في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، وإذا كنت في شك مما أقول فاذهب إلى أي تجمع يشترك فيه المسلمون والمسيحيون كالمدارس العامة الأميرية، أو كتائب الجيش، أو غير ذلك؛ فسوف تجد أن نسبة المسيحيين إلى المسلمين قد زادت كثيراً في الآونة الأخيرة عن ذي قبل، وكنت أتمنى من علمائنا إذا لم يستطيعوا أن يقولوا كلمة الحق فلا أقل من الصمت، أسوة بزملائهم من رجال الكنيسة!