[عبودية أعضاء جسم الإنسان وشهادتها عليه يوم القيامة]
وهكذا أيضاً عبودية أعضاء جسم الإنسان: فهذه الأعضاء نفسها لها هذا النوع من العبودية، ألا ترى إلى قول النبي عليه الصلاة والسلام:(إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان -أي: أنها تتهمه بكفر نعمة الله- تقول: اتق الله فينا؛ فإنما نحن بك، إن استقمت استقمنا، وإن اعوجت اعوججنا).
وكذلك قال تعالى:{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[يس:٦٥].
وعن أنس رضي الله عنه قال:(كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك، فقال: هل تدرون مما أضحك؟! قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: من مخاطبة العبد ربه يوم القيامة، فيقول: يا رب! ألم تجرني من الظلم؟ قال: فيقول: بلى، فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني)، يعني: كأنه يطعن في شهادة الملائكة، ويقول: أنا لا أقبل شاهداً على نفسي إلا من نفسي، وأما هؤلاء الملائكة الكرام الكاتبون فإنهم ظلموني، وكتبوا عليّ أشياء ما فعلتها، فلذلك يقول:(فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً، وبالكرام الكاتبين شهوداً، قال: فيختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، ثم يخلى بينه وبين الكلام، فيقول أول ما يتكلم: بعداً لكنَّ وسحقاً، فعنكنَّ كنت أناضل)، أي: أنا كنت أخاف عليكن أنتن من العذاب، وأنتن تنطقن حتى تتعذبن، وهذا رواه مسلم، وفي رواية:(فيقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي، فتنطق)، وفي الحديث أيضاً:(إن أول ما يتكلم من الآدمي فخذه).
ويقول عليه الصلاة والسلام:(لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس، وحتى يكلم الرجل عذبة سوطه، وشراك نعله، وتخبره فخذه بما أحدث أهله بعده)، رواه الترمذي.
وكذلك قصة المرأة اليهودية التي أهدت إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ذراع شاة مسمومة، فالذراع أخبره أنه مسموم، كما هو معروف في الحديث الصحيح.