خلاصة ما نستطيع أن نقوله فيما يتعلق بهذه القضية: نحن لا نعقد كثيراً من الأمل -في ضوء الأدلة الشرعية وفي ضوء تجارب الواقع في مصر أو في خارجها- على أن الديمقراطية تنفع الدعوة، بل هي سراب, والرصيد الحقيقي للدعوة هو أبناؤها الذين يعيشون لها ويعيشون بها ويحيون من أجلها, هذا هو الرصيد الحقيقي للدعوة الذي تنعقد عليهم الآمال, أما أن المخالفين بمنتهى البساطة سوف يفسحون لنا الطريق ويقولون: تعالوا اقعدوا مكاننا، واحكموا بالشرع الشريف, فهذا نوع من السراب، وبعض الباحثين ألف كتاباً أسماه: سراب الديمقراطية، فهي سراب في الحقيقة، لكن مع ذلك نحن نقر بأن هناك اختلافاًً بين العلماء المعاصرين مناطه مدى ما يتحقق من مصالح أو يدفع من مفاسد بهذه المشاركة، لكن معظم علماء السلفيين يرفضون الدخول في هذه الأشياء، ويتجنبونها بناء على الاعتبارات التي ذكرنا، وأهمها الخطر الاعتقادي، ثم الدخول في حلبة السياسة التي لها ضريبة قد تدفعها بعض الاتجاهات، لكن الاتجاه السلفي بالذات لا يستطيع أن يترخص في دفع هذه الضريبة, وإذا زالت هذه الضريبة فقد يختلف الكلام, لكن مع وجود هذه الضريبة فلا تقبل ذلك الدعوة السلفية، وليس من حقها؛ لأنها مؤتمنة على الحفاظ على جوهر الدين نقياً، وهذا في حد ذاته من المكاسب التي لا تقدر بثمن، ولا توازيها على الإطلاق المكاسب المتوهمة من جراء هذا الأمر، فنحن نؤكد أننا على هذا الموقف, إلا أننا لا نضلل المخالف؛ مراعاة للخلاف الفقهي فيها، واعتباراً بأن سلوكه ناشئ عن اجتهاد وعن نظر مصلحي, وفي نفس الوقت نقول: لعل وعسى، ولن نقول كما قال الشاعر: يقلقني الوجد فآتيكم والقلب مملوء من اليأس لكن قد يكون هناك بصيص أمل، ونرجو لهم إذا نجحوا أن يحدثوا تغييراً، وإن كانوا مخطئين في ذلك فنسأل الله أن يعفو عن خطئهم، والعملية الآن تتم داخل المطبخ، والمطبخ مقفول بقوة، فننتظر خروج الوجبة التي سنأكلها لمدة خمس سنوات.
سوف تدري إذا انجلى الغبار أفرس تحت رجلك أم حمار فإذا انجلى غبار هذه المباراة, فعندنا خمس سنوات تكفينا لنقوم التجربة، ونرى العاقبة، فنرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفق المسلمين إلى ما يحب ويرضاه، وأن يعز هذا الدين، وأن يمكن له في الأرض، وأن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك, أشهد أن لا إله إلا أنت, أستغفرك وأتوب إليك.