يذكر الشيخ صديق حسن خان من أسباب سوء الخاتمة: العدول عن الاستقامة: فإن من كان مستقيماً في ابتدائه ثم تغير عن حاله وخرج مما كان عليه في ابتدائه، يكون ذلك سبباً لسوء خاتمته، فمن سلك الطريق ثم أعرض فالإعراض بعد الإقبال من علامات الخذلان والعياذ بالله تبارك وتعالى، لكن الإنسان لا ييئس من روح الله، ما دام الإنسان يرى أن حسناته تسره وسيئاته تسوءه، فما زال في قلبه حياة، كما في الحديث:(أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الإيمان؟ قال: إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن).
فما دام الإنسان يشعر بعدم الرضا عن نفسه، وتسوءه السيئة إذا ارتكبها، وتسره وتفرحه الحسنة إذا فعلها، فهذا إنسان فيه أمل، وفيه مطمع أن يعود إلى الاستقامة؛ بل إلى أعظم مما كان، فلا يقنط الإنسان من رحمة الله ومن روح الله تبارك وتعالى.
لكن الإعراض بعد الإقبال أمر ليس بالهين، فإنه يبتلى بموت القلب في هذه الحالة؛ لأنه إذا أعرض عن الله فإلى أين يتجه؟! كان ماشياً على طريق الله؛ يكره التلفزيون، ويكره الموسيقى، ويكره الأغاني، ويكره كل ما يشغله عن الله، ثم يحيد عن هذا الطريق بعد ذلك، أئلى خيرٍ من الله؟ هل وجد في أصحاب الرياضة والكرة والشطرنج واللهو واللعب أفضل مما وجده في الكتاب وفي السنة وفي سير الصالحين؟! إبليس كان في ابتدائه رئيس الملائكة ومعلمهم وأشدهم اجتهاداً في العبادة، ثم لما أمر بالسجود لآدم أبى واستكبر وكان من الكافرين! وبلعام بن باعوراء آتاه الله آياته فانسلخ منها وأخلد إلى الأرض واتبع هواه وكان من الغاوين.
وبرصيصا العابد الذي قال له الشيطان: اكفر.
فلما كفر قال: إني بريء منك، إني أخاف الله رب العالمين، فالشيطان أغراه على الكفر، فلما كفر تبرأ منه مخافة أن يشاركه في العذاب، ولم ينفعه ذلك كما قال تعالى:{فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ}[الحشر:١٧].