للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية طاعة النبي صلى الله عليه وسلم وامتثال أمره]

يقول الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه في تعظيم حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أغرّ عليه للنبوة خاتمٌ من الله مشهود يلوح ويشهدُ وضمّ الإله اسم النبي إلى اسمهِ إذا قال في الخمس المؤذنُ أشهدُ وشقّ له من اسمه ليجلّه خذو العرش محمود وهذا محمدُ نبيٌّ أتانا بعد يأسٍ وفترةٍ من الرُّسْل والأوثان في الأرض تُعبدُ فأمسى سراجاً مستنيراً وهادياً يلوح كما لاح الصقيلُ المهنّدُ وأنذرنا ناراً وذكّر جَنّةً وعلّمنا الإسلام فاللهَ نَحمدُ تعاليتَ ربّ الناس عن قول من دعا سواك إلهاً أنت أعلى وأمجدُ لك الخلق والنعماءُ والأمرُ كُله فإياك نستهدي وإياك نعبدُ لقد أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء:٥٩]، والردّ إلى الله هو الرجوع إلى كتاب الله سبحانه وتعالى، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرجوع إليه في حياته، والرجوع إلى حديثه وسنته بعد مماته صلى الله عليه وسلم.

وقال الله عز وجل: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) أي: عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم: {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور:٦٣] قال الإمام أحمد: الفتنة: الكفر، وقال الله عز وجل: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:٨٠] وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:٧]، وقال عز وجل: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:٦٥].

فانظر كيف يُقسِمُ الله سبحانه وتعالى بقوله: (فَلا وَرَبِّكَ) أي: ورب محمد عليه الصلاة والسلام، ((لا يُؤْمِنُونَ)) ينفي عنهم الإيمان إلى غاية هي: ((حَتَّى يُحَكِّمُوكَ)).

إذاً: يكونون مؤمنين إذا امتثلوا الأمور التالية: أولاً: التحاكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ).

ثانياً: (ثم لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ) فَنَفَى الإيمان عمن يجد في صدره حرجاً من شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته.

ثالثاً: ((وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) وهذا يعني كمال الانقياد والإذعان والرضا -أي: رضا القلب واعتزازه- بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والآيات كثيرة في هذا المعنى.

أما الأحاديث التي توجب طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، سواء فيما جاءت السنة مبينة لما ورد في القرآن كالصلاة والزكاة وغيرها، أو فيما استقلت به السنة من الأحكام، والتي تكذبها طائفة القرآنيين الضالة التي تكذب بالسنة ولا تثبت حُجّيتها.

ومن الأحاديث الدالة على وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم قوله صلى الله عليه وآله سلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله! ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) رواه البخاري.

وأيضاً ما رواه أبو داود والترمذي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: (وَعَظَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله! كأنها موعظة مُودّع فأوصنا؟ قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمرّ عليكم عبد حبشي، فإنه من يَعِشْ منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة) قال الترمذي: حديث صحيح.

وأيضاً ما رواه العرباض بن سارية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أيحسب أحدكم متكئاً على أريكته قد يظن أن الله لم يُحرّم شيئاً إلا ما في هذا القرآن، ألا وإني قد أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء إنها لمثل هذا القرآن أو أكثر).