وفي التمثيل الاحتقار والسخرية والاستهزاء بالمسلمين، لذلك ترى الممثلين لا يمثلون من يخافون سطوته، ونحن لعلنا قد تأثرنا بالجو الذي نعيش فيه، وأصابنا شيء من دخن هذه الفتن، أي أننا نعطي هذا الأمر حجمه، ونشعر بخطورة هذا الأمر، فهل هناك أحد عنده مروءة يقبل أن يقف ليمثل أمام الناس حتى لو كان يبيح للناس التمثيل؟ فهل يقبل الشيخ الذي يبيح التمثيل أن يمثل بنفسه؟ وهل يقبل أن يقف ليمثل ويرقص ويغني؟ أنا أعلم حادثة حدثت قبل سنوات في مسجد في الإسكندرية، حصل فيها أن بعض الناس الذين يروجون لمنكر التمثيل مثلوا داخل المسجد، وزعموا أنهم يمثلون قصة أخلاقية من أجل أن يستفيد الناس من التوبة، فقعد شخص يمثل على طاولة في المسجد أنه يسكر ويحتسى الخمر، وجاء آخر يلبس لباساً أسود قبيحاً يمثل صورة الشيطان، ويوسوس لهذا الشخص ويزين له المعصية! فهل هذا يليق بالمسجد وبحرمة المسجد؟ فإذا فتحت هذه الذريعة جرت إلى فساد كبير بلا شك، ولقد انتهى ذلك إلى أن بعض الجماعات فيما مضى في مصر في دمنهور قاموا بتمثيل قصة الذبيح، فأتوا بشخص يمثل جبريل يمسك خروفاً، وآخر لبس فراء خروفٍ، وصوت يقول:{يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا}[الصافات: ١٠٤ - ١٠٥]، كأنه يمثل صوت الله! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً! إذاً: فتح هذا الباب يأتي بشر مستطير، وتجد أن الممثلين لا يمثلون الأحياء المعظمين، فلا يأتون إلى ملك أو رئيس في حياته ليمثلوه؛ لأنه يعتبر هذا نوعاً من التنقص والازدراء له، ويعاقب فاعله، كما قال بعض الشعراء: يقاد للسجن من سب الزعيم ومن سب الإله فإن الناس أحرار فالذي يسب الدين ويطعن في دين الله عز وجل حر لا يعاقب عندهم.
أحد الممثلين الفسقة قام بالظهور في أحد الأفلام -واسمه سيف شرف وليس فيه رائحة الشرف-، قام يمثل دور امرأة منقبة، ولا أعرف ما هو المقصود بهذا؟ فهل مقصودهم أن المرأة المنتقبة تختفي تحت نقابها وهي لصة أو سارقة؟ فهم يضلون الناس، ويمثلون لهم بهذه المعاني البغيضة التي يبغضون للناس بها دين الله عز وجل.
فلا يمثلون الشخص الذين يجلونه أو يخافون سطوته من الملوك أو الرؤساء الأحياء؛ لأن القانون يمنعهم من ذلك، ويفرض عليهم عقوبة صارمة؛ لأنه من الإهانة بهذا المنصب الذي يعظمونه، وإنما يمثلون من الأحياء من يريدون إهانته، أو الملوك الأقدمين الذين لا يمنعهم القانون من تمثيلهم، كملوك بني أمية وبني العباس وملوك الأندلس أو نحوهم، فلا يخفى أن هذا ممنوع في الشرع، يقول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ}[الحجرات:١١]، وهذه من السخرية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله) رواه مسلم في صحيحه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: يا رسول الله! إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً! فقال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس) أي: احتقار الناس.
وفي رواية الحاكم:(ولكن الكبر من بطر الحق وازدرى الناس) أي: احتقر الناس، فهذا من الاحتقار لهؤلاء الخلفاء، وهؤلاء الملوك المسلمين الذين فتحوا الأرض من مشرقها إلى مغربها، فنقول للممثلين: أنتم ماذا فعلتم للإسلام؟!