الصراع الذي يحس به هذا الإنسان؛ صراع في البيت، مع أن المفروض أن جميع المؤسسات التربوية في الدول المحترمة تكون وحدة متكاملة، كالمدرسة مع البيت، وفي البيت نفسه لابد من سياسة تربوية موحدة بين الأبوين، فلا يظهران الخلاف أمام الأولاد، ولا التناقض في التربية.
فالواقع أننا نرى كل محضن يسير في طريق معاكس للآخر؛ فالمدرسة بمناهجها الفاسدة المدمرة في طريق، والعلوم الإسلامية في طريق، والإعلام في طريق الشهوات، والتعليم في طريق الشبهات، والأبوان لا توجد عندهما سياسة تربوية متفق عليها، بل قد نجد أن الأب يتعارض مع الأم، الأم تقول: افعل، والأب يقول: لا تفعل، ويتشاجران أمام الولد، ويصير محتاراً في هذه الرسائل المزدوجة، ثم إن الأم نفسها قد تقول له عن شيء: هذا غلط، ثم في وقت آخر تمارسه هي، فأصبح نفس المربي يعطي رسائل متضادة وقدوة متناقضة تحير هذا الابن.
في المدرسة أيضاً ما بين المناهج المدمرة والفاسدة، وما بين هيئة التدريس؛ فيوجد تقصير شديد عند كثير من المدرسين من ناحية الاهتمام بالنواحي التربوية، ويكفي أن أذكر مثلاً عابراً لذلك: مراقب في لجنة امتحان الثانوية العامة يغشش الأولاد ويقول لهم: أنا سأقفل لكم الباب، لتتعاونوا مع بعض، وسوف أنبهكم عند حضور أحد، فهذا في حد ذاته نموذج مدمر للسلوك.
ثم أيضاً التناقض بين ما توجهه أنت إن كنت توجهه وبين الأصدقاء في الشارع أو النادي أو المدرسة، وهؤلاء يكونون أشد تأثيراً عليه منك، ويتلقن منهم أكثر مما يتلقن منك أنت والمجتمع ككل، فلا شك أن الصراع الذي نعيش فيه يولد كثيراً من الإحباط إذا لم نتخذ معه نوعاً من التوعية والفهم، وكيف نتكيف تكيفاً صحيحاً يحفظ لنا ديننا، ويجعل الأولاد يقتنعون بالرسالة التي نحملها كي يحملوها هم من بعدنا؟ إن لم ندرس هذا الأمر ونتعامل معه بطريقة علمية، فبلا شك أن هذا الصبي أو هذا الشاب يكون أضعف بكثير من أن يصمد أمام هذه التيارات كلها.