الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، لاسيما عبده المصطفى.
اللهم! صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم! بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إن الموضوع الذي سنتناوله اليوم هو موضوع النظر إلى تاريخ العقيدة الإسلامية، خاصة وأن هذه المسألة مع وضوحها كالشمس، لكن نجد في الناس من يخلط في هذه القضية المهمة.
فبعض الناس يزعم أن العقيدة لم يعرفها الإنسان على ما هي عليه مرة واحدة، وإنما ترقت العقيدة وتطورت خلال قرون سحيقة، وأطلقوا عليها عصور ما قبل التاريخ، أو العصور الحجرية، حيث يزعمون أن الإنسان الذي يسمونه البدائي أو الحجري لم يكن يعرف له رباً ولا معبوداً، ثم نشأت عنده بعد ذلك عاطفة التدين؛ بسبب أنه رأى الحيوانات تخشى القوى الخفية، فتخاف من البرق والرعد، فظل الإنسان يبحث عن معبود يشعر نحوه بالولاء والتقديس، مهما كانت صورة هذا المعبود.
وهذا فيه عملية إضفاء نوع من العذر والاعتذار عن هذه الجريمة التي تعتبر أكبر جريمة وقعت في الوجود، وهي الشرك بالله سبحانه وتعالى.
فكأن الإنسان الأول كان حائراً يبحث عن إله يأوي إليه ويحبه، وانظر إلى هذه العاطفة، فكأن الخبثاء يريدون أن يقولوا: إن الدين نبع من الأرض ولم ينزل من السماء، وإن الدين اختراع بشري، وإن الإنسان هو الذي توصل إليه واكتشفه؛ وبالتالي فإن هذه الأديان تستوي؛ لأنها صنع بشري، فلكل إنسان أن يختار الدين الذي يرتاح إليه، فانكمش هذا المعبود في الشمس وفي القمر وفي الكواكب، حتى في الأشجار وفي الحيوانات.
ثم قالوا: إنه تطور من وثنية إلى وثنية إلى أن اكتشف التوحيد من تلقاء نفسه، فعند هؤلاء أنّ الإنسان هو الذي اكتشف التوحيد.
فخلاصة الكلام أن الدين في زعم هؤلاء الناس هو نتاج العقل البشري واختراعه.