القضايا التي يختلف فيها العلماء -لاسيما القضايا الفقهية- خلافاً سائغاً لا يجوز الحكم على المخالف فيها بالابتداع، كأن يقع بعض أفاضل العلماء من أئمة الخير والهدى في هذا الزمان في زلة، كمن قال عن وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع: هذه بدعة وضلالة! فهذه المسألة لا يجوز أن تندرج في ميزان البدعة على الإطلاق، والخلاف فيها خلاف سائغ، والأمر أهون من ذلك بكثير، فهذه لا تدخل بأي حال في حد البدعة أبداً؛ لأن الخلاف سائغ، والحديث محتمل في تفسيره، فالخلاف الفقهي السائغ لا يمكن أبداً أن تطلق على مخالفك فيه وصف البدعة.
والخلاف على ثلاثة أنواع: هناك خلاف مذموم، وخلاف ممدوح، وخلاف سائغ.
النوع الأول: الخلاف المذموم، وهو خلاف أهل الأهواء لأهل العلم، وخروجهم عن هدي أهل العلم والسنة، كمخالفتهم لأصول العقيدة أو ما علم من الدين بالضرورة، فهذا خلاف مذموم.
النوع الثاني: خلاف ممدوح، وهو خلاف أهل العلم لأهل الأهواء، وهذا خلاف ممدوح.
النوع الثالث: الخلاف السائغ، وهو خلاف أهل العلم لأهل العلم بالشروط التي سنذكرها إن شاء الله.