[تغيير مناهج التعاليم الإسلامية من أساليب طمس الهوية الإسلامية]
من هذه الأساليب: تسميم الآبار المعرفية التي تستقي منها الأجيال من المهد إلى اللحد، وأنا أذكر حادثة حصلت من مدة عبر بها أحد الإخوة عن مظاهر طمس الهوية: كان السادات في مرحلة من المراحل ديمقراطياً، لكن جاءت فترة لم يتحمل وقال: الديمقراطية لها أنياب، وهي شرسة تعض وهكذا.
فالحقيقة أن هناك محاولة لمسخ الهوية الإسلامية تماماً عن طريق تخريب مناهج التعليم بكافة مراحله، هذه أخطر مؤامرة ضد الهوية الإسلامية في هذا الوقت الآن، وهم يسمونها -بكل صراحة- تجفيف منابع الإسلام! هذه المؤامرة لم تبدأ اليوم، بل هي قد بدأت منذ أكثر من قرن، ولم تبدأ من الصفر، لكنها تستمد من معين المنطلقات التي صنعها الاستعمار والاستشراق والتبشير، وقد تمكن في عشرين عاماً مضت من تخريب العقول والنفوس والضمائر والعواطف من خلال سياسته التعليمية بصورة ما كانت تحلم بريطانيا بتحقيق ربعها، ولو جندت في سبيل ذلك مليون جندي بريطاني! وهذا كرومر رائد التغريب في مصر يقول: الحقيقة أن الشباب المصري الذي قد دخل في طاحون التعليم الغربي، ومر بعملية الطحن يفقد إسلاميته، وعلى الأقل أقوى عناصرها وأفضل أجزائها؛ إنه يتجرد عن عقيدة دينه الأساسية.
وهذا المستشرق جب يقول: والتأثير الحقيقي في الحكم على مدى التغريب هو أن نتبين إلى أي حد يجري التعليم على الأسلوب الغربي، وعلى المتابيع الغربية، وعلى التفكير الغربي، هذا هو السبيل الوحيد، ولا سبيل غيره.
وقد رأينا المراحل التي مر بها طبع التعليم بالطابع الغربي في العالم الإسلامي، ومدى تأثيره على تفكير الزعماء المدنيين وقليل من الزعماء الدينيين، وبعبارة أخرى: التعليم الغربي اللاديني هو عبارة عن الحامض الذي يذيب شخصية المسلم، فمناهج التعليم بالنسبة للهوية تفعل مثلما يفعل الحامض في تذويب هذه الهوية، وبعض الكتاب من شعراء باكستان القدامى كان له شعر ينتقد فيه مناهج التعليم الغربية، ويذكر خطرها على الهوية فيقول ما معناه: إن فرعون كان بليداً بالنسبة لما تفعله مناهج التعليم الغربية؛ لأن فرعون استجلب لنفسه الخزي والعار؛ لأنه كان يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم، قال: ولو أنه هداه تفكيره إلى هذا الأسلوب من أساليب التعليم لاستغنى عن ذبح الأبناء تماماً، ولما تلطخت سمعته بهذا العار الذي لحق به، فإن هذا كان سيحقق له هدفه، ويقضي على الإسرائيليين بدون أن يناله هذا اللوم.