وهذه من الجنايات والمظالم التي ترتكب في هذه القضية، فما أكثر ما نزجر ونستنكر ونشجب هؤلاء الجلادين الذين يعذبون الناس في الدنيا، ونخوفهم بمثل قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}[البروج:١٠]، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم:(يكون في آخر الزمان رجال معهم سياط كأنها أذناب البقر، يغدون في سخط الله ويروحون في غضبه) وقوله: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس) هؤلاء نحملق فيهم وننكر عليهم، ثم نحن فيما بيننا نتغاضى عن هؤلاء المعالجين الذين يمارسون أبشع صور التعذيب البدني والنفسي بحجة إخراج الجن، ويتفنون في إيقاع العذاب الذي قد يصل إلى القتل، ومن الجهل ما قتل.
يحكي بعض المعالجين قصة أرويها لكم بحروفها، وهي قصة مريضة تدعى وهيبة، يقول: وهيبة مريضة نفسياً طال مرضها، فذهب بها أهلها إلى مجموعة من الشباب المسموع عنهم علاج مثل هذه الحالات، وعجز هؤلاء الشباب عن أن يفرقوا بين المرض النفساني والمس الشيطاني، وحضرت وهيبة بين أيديهم يقرءون عليها، فلم ينطق الجني، فما كان منهم إلا أن قالوا: إنه شيطان ماكر يرفض أن ينطق، وانهالوا عليها ضرباً على فترات، وهمدت الجثة، وقال الأدعياء: لقد خرج لعنة الله عليه، ولم يكتشفوا بسبب جهلهم أن الذي خرج من وهيبة ليس الجني، وإنما خرجت روحها، اكتشفوا ذلك بعد أن تركوها فترة لتستريح، ثم طلبوا منها القيام، فقالوا: قومي يا وهيبة! فإذا بها قد توفيت، وإنا لله وإنا إليه راجعون!