الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه، إن المؤمن خلق مفتناً تواباً نسياً؛ إذا ذُكر ذكر).
فقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأن المؤمن:(إذا ذُكر ذكر)، إشارة إلى ما بينه الله تبارك وتعالى في قوله:{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}[الأعلى:٩].
ثم بين في آية أخرى من الذين ينتفعون بالذكرى، فقال عز وجل:{وَذَكِّر ْفَإِنّ َالذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}[الذاريات:٥٥]، فقد يقع المؤمن في الأخطاء، لكنه إذا ذكر بآيات الله عز وجل فإنه يتذكر وينتفع بهذه الذكرى، كما قال عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}[الأعراف:٢٠١].
وهناك فرق بين التعليم وبين التذكير؛ فالإنسان يتعلم ما كان جاهلاً إياه من قبل، أما الذكرى فقد يكون عند الإنسان معلومات، لكنه يحتاج إلى التذكير بها، وإلى إيقاظ معانيها في قلبه، فكلنا يعلم أنه يموت، لكن ليس كلنا يعتبر ويتذكر حقيقة الموت، ولا ينفعل بها إلا إذا ذُكر بذلك.