ففي ربعهم لله بيت مبارك إليه قلوب الخلق تهوي وتهواه يطوف به الجاني فيغفر ذنبه ويسقط عنه جرمه وخطاياه فكم لذة كم فرحة لطوافه فلله ما أحلى الطواف وأهناه نطوف كأنا في الجنان نطوفها ولا هم لا غم فذاك نفيناه فياشوقنا نحو الطواف وطيبه فذلك شوق لا يحاط بمعناه فمن لم يذقه لم يذق قط لذة فذقه تذق يا صاح ما قد أذقناه فوالله ما ننسى الحمى فقلوبنا هناك تركناها فيا كيف ننساه ترى رجعة هل عودة لطوافنا وذاك الحمى قبل المنية نغشاه ووالله ما ننسى زمان مسيرنا إليه وكل الركب قد لذ مسراه وقد نسيت أولادنا ونساؤنا وأموالنا فالقلب عنهم شغلناه تراءت لنا أعلام وصل على اللوى فمن أجلها فالقلب عنهم لويناه جعلنا إله العرش نصب عيوننا ومَنْ دونه خلف الظهور نبذناه وسرنا نشق البيد للبلد الذي بجهد وشق للنفوس بلغناه رجالاً وركبانا على كل ضامر ومن كل ذي فج عميق أتيناه نخوض إليه البر والبحر والدجى ولا قاطع إلا وعنه قطعناه ونطوي الفلا من شدة الشوق للقا فتمسي الفلا تحكي سجلاً قطعناه ولا صدنا عن قصدنا بعد أهلنا ولا هجر جار أو حبيب ألفناه وأموالنا مبذولة ونفوسنا ولم نبق شيئاً منهما ما بذلناه عرفنا الذي نبغي ونطلب فضله فهان علينا كل شيء بذلناه فمن عرف المطلوب هانت شدائد عليه ويهوى كل ما فيه يلقاه فيا لو ترانا كنت تنظر عصبة حيارى سكارى نحو مكة وُلاه فلله كم ليل قطعناه بالسرى وبر بسير اليعملات بريناه وكم من طريق مفزع في مسيرنا سلكنا وواد بالمخوفات جزناه ولو قيل إن النار دون مزاركم دفعنا إليها والعذول دفعناه فمولى الموالي للزيارة قد دعا أنقعد عنها والمزور هو الله ترادفت الأشواق واضطرم الحشا فمن ذا له صبر وفي النار أحشاه وأسرى بنا الحادي فأمعن في السرى وولى الكرى نوم الجفون نفينا