كذلك من هذه الأسباب أن يحرص الإنسان على أن يصحح عقيدته، وأن يهتم جداً بتصحيح العقيدة، وأن يستقيم قلبه على عقيدة السلف الصالح رضي الله عنهم، لا يحيد عن ذلك قيد أنملة، فالإنسان لأن يصاب بمعصية أو يقصر في طاعة أو يرتكب شيئاً مكروهاً أهون من أن يؤول صفة من صفات الله، فهذه مصيبة عظيمة، يؤول صفة من صفات الله ويجحد الخبر، ويلحد في أسماء الله وصفاته تبارك وتعالى، وتلوث عقيدته بأي مظهر من مظاهر انحراف العقيدة، فهذا أخطر بكثير من الوقوع في المعاصي، وأكثر الناس إذا ذكر الالتزام أمامهم تلتفت أذهانهم إلى ترك المعاصي لا إلى هذه الشبهات، فتنقية القلب من العقائد الفاسدة الخربة من أعظم أسباب التثبيت، والدليل أنك إذا تأملت حال أهل البدع الذين انحرفوا عن منهج الفرقة الناجية -أهل السنة والجماعة- تجدهم في حالة تقلب وتلون، تجد الواحد يتنقل من فرقة إلى أخرى، كل يوم يتلون، لكن نادر جداً -أو لا يكاد يوجد- أن تقف على واحد عرف طريق أهل السنة والجماعة عن علم وخبرة ووعي ثم حاد عنه وآثر عليه غيره، ونفس هذه الخصلة صفة أهل الحق في كل زمان، وآية ذلك أن هرقل سأل أبا سفيان عن أتباع النبي عليه الصلاة والسلام فقال: هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فقال أبو سفيان: لا.
فقال هرقل: كذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.
فالشاهد أن الإنسان إذا تنقل بين أهل الفرق والضلال خارج دائرة أهل السنة والجماعة فإنه يخشى عليه سوء الخاتمة وعدم الاستقامة والثبات، يقول بعض السلف: أكثر الناس شكاً عند الموت أهل الكلام.
فتجد أهل البدع يتنقلون، ثم ينتهي بهم الأمر أن يكونوا ساخطين على كل شيء تعلموه، أما أهل الحق فبخلاف ذلك، فعلى الإنسان أن يسلك سبيل المؤمنين.