[كثرة التطوع سبب لمرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة]
وورد حديث قريب من معنى هذا الحديث الذي ذكرناه، وهو حديث ربيعة بن كعب بن مالك الأسلمي رضي الله تعالى عنه قال:(كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فآتيه بوضوئه وحاجته -وضوئه: يعني الماء الذي يتوضأ به- فقال لي: سل -يعني: أراد أن يجزيه عن هذه الخدمة- فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة.
فقال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك.
قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود)، وهذا أخرجه مسلم وأصحاب السنن، والشاهد فيه أنه سمت همته وارتقت إلى أن يطلب هذه المرتبة الخطيرة حيث قال:(أسألك مرافقتك في الجنة)، فلما قال له النبي عليه الصلاة والسلام:(أو غير ذلك؟) يعني: اطلب شيئاً أخف من ذلك، أصر، ولو قيل لغيره أو فتحت هذه الفرصة لشخص آخر ربما طلب من أعراض الدنيا، أو حتى لو طلب من الآخرة لربما طلب مجرد النجاة من النار، لكن انظر كيف رباهم النبي صلى الله عليه وسلم على الارتقاء بهمتهم لنيل أعلى المراتب، كما علمهم ذلك أيضاً في قوله:(إذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس؛ فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة، وفوقه عرش الرحمن)، أو كما قال صلى الله عليه وآله وسلم.
فلما قال له:(أو غير ذلك؟ قال: هو ذاك)، يعني: لا أتنازل، وأنت الذي أعطيتني هذه الفرصة وقلت لي:(سل) وأطلقتها، فقال عليه الصلاة والسلام:(فأعني على نفسك بكثرة السجود).
إذاً: هذا يدل على أن الوسيلة لنيل هذه المرتبة العالية كثرة السجود لله سبحانه وتعالى، وهذا الأصل أنه يكون في الصلاة، والذي يقبل الكثرة هو صلوات التطوع بخلاف الفريضة؛ فإنه لابد لكل مسلم من الإتيان بها.