هناك سؤال يتكرر كثيراً، وهو متعلق بحكم الاعتكاف في المساجد غير المساجد الثلاثة.
فقد اطلعت على رسالة مختصرة جداً للشيخ جاسم الفهيد الدوسري اسمها (دفع الخلاف عن مكان الاعتكاف) يقول فيها بعد المقدمة: وهذه أوراق اقتضى تصنيفها ما أثاره بعض أهل العلم في تعيين محل الاعتكاف، وقد انتصر فيه لقول غريب مخالف لمذاهب جماهير العلماء، وما استقر عليه العمل على مر الأعصار وفي مختلف الأمصار، فقد أفتى -عفا الله عنه- بأنه لا يصح الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى زاده الله تشريفاً وتعظيماً، وقلده في فتياه فئام من الناس، فأنكروا وجالدوا دونما رجوع إلى مذاهب الأئمة السالفين، أو معرفة بحجج الجمهور المخالفين، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
يقول: قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: أجمع العلماء على أن الاعتكاف لا يكون إلا في المسجد؛ لقول الله سبحانه وتعالى:{فِي الْمَسَاجِدِ}[البقرة:١٨٧] أي: من قوله سبحانه: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}[البقرة:١٨٧].
وقال الموفق ابن قدامة في (المغني): لا يصح الاعتكاف في غير المسجد إذا كان المعتكف رجلاً، لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافاً والأصل في ذلك قول الله تعالى:(وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) فخصها بذلك، ولو صح الاعتكاف في غيرها لم يختص تحديد المباشرة فيها، فإن المباشرة محرمة في الاعتكاف مطلقاً، ولم ينازع في ذلك إلا محمد بن عمرو بن لبابة المالكي فأجازه في أي مكان، وهذا قول شاذ.
أي أنّ هذا الإمام قال -كما نقل عنه الحافظ في (الفتح) -: إنّ الاعتكاف يكون في أي مكان.
يقول: ولا عبرة بخلافه، فإنه محجوج بالإجماع قبله، ولذا لم يأبه القرطبي -وهو مالكي مثله- بخلافه في تعكير ثبوت الإجماع.