للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَمْثَلُ ما جاء في فضلِ غزوِ البحرِ وهو صحيحٌ: ما رواهُ الشيخانِ؛ مِن حديثِ أنسِ بنِ مالكٍ ؛ أنه قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ يَدْخُلُ عَلَى أُمَّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ - وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ ، فَأَطْعَمَتُهُ وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللهِ ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ الله، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا البَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ - أَو: مِثْلَ المُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ -)، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهمْ، فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللهِ ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللهِ) - كَمَا قَالَ فِي الأَوَّلِ - قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: (أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ)، فَرَكِبَتِ البَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أبِي سُفْيَانَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ البَحْر، فَهَلَكَتْ" (١).

* * *

قال تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧)[يونس: ٨٧].

في هذا: إشارةٌ إلى أنَّ الإمامَ يَلِي أَمْرَ مَساكِنِ الناسِ؛ وذلك لأنَّه يَملِكُ مِن السُّلْطانِ والمالِ والقُدْرةِ واختيارِ النافعِ مِن المكانِ: ما لا يَملِكُهُ العامَّةُ، وأنَّه يَعرِفُ مِن المَصالِحِ والمَنافعِ لهم والمَخاطِرِ عليهم: ما لا يَعرِفونَهُ.


(١) أخرجه البخاري (٢٧٨٨) ومسلم (١٩١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>