للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سبيلِ اللَّهِ، وقد بيَّنَّا ذلك عندَ قولِ اللَّهِ تعالى: ﴿وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا﴾ [البقرة: ٢٤٦]، وقولِ اللَّهِ تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾ [النساء: ٧٥].

وفي قولِه تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ بيانُ أنَّ نَصْرَ اللَّهِ يكونُ بمِقْدارِ نصرِ دِينِه؛ لأنَّ نصرَهُ يكونُ بعَوْنِهِ وكفايتِه، وكفايةُ اللَّهِ تكونُ بمِقْدارِ عبوديَّتِهِ سبحانَه، وقد تقدَّم الكلامُ على الأسبابِ الشرعيَّةِ والكونيَّةِ للنصرِ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً﴾ [النساء: ٧٧].

وقولُه تعالى: ﴿وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ أمرٌ للأخذِ بأسبابِ النصرِ، فاللَّهُ قادرٌ على إحداثِ إعجازٍ بنصرِهم بلا قتالٍ ولا عملٍ، ولكنَّه يُرِيدُ مِن المُسلِمينَ الأخذَ بالأسبابِ التي يَنتصِرونَ بها؛ حتى لا تتواكَلَ نفوسُهم عن العملِ للَّهِ ولدِينِه، فإنَّ مَن يتحقَّقُ له النصرُ بلا سببٍ ولا تعبٍ، بماذا يَسْتحِقُّ الجنةَ؟ ! ولو كان كلُّ مُتَّبِعٍ للإسلامِ والرسالةِ المحمديَّةِ ينتصِرُ بلا سببٍ يأخُذُ به، ولا محنةٍ وشِدَّةٍ تمُرُّ عليه، وتُسيِّرُهُ الأقدارُ بلا اختيارٍ، لأقبَلَ على الإسلام كلُّ أحدٍ؛ لِمَا يَرَوْنَهُ مِن عاجلِ الدُّنيا والتمكينِ فيها، واللَّهُ لا يُريدُ لدِينِهِ إلَّا مقبِلًا بصدقٍ وإخلاصٍ يُرِيدُ اللَّهَ والدارَ الآخِرةَ.

* * *

* قال تعالى: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)[الحج: ٤١].

بيَّنَ اللَّهُ حالَ الذين يُمكِّنُهُمُ اللَّهُ في الأرضِ مِن القيامِ بأمرِهِ وإظهارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>