وقولُه تعالى: ﴿وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ أمرٌ للأخذِ بأسبابِ النصرِ، فاللَّهُ قادرٌ على إحداثِ إعجازٍ بنصرِهم بلا قتالٍ ولا عملٍ، ولكنَّه يُرِيدُ مِن المُسلِمينَ الأخذَ بالأسبابِ التي يَنتصِرونَ بها؛ حتى لا تتواكَلَ نفوسُهم عن العملِ للَّهِ ولدِينِه، فإنَّ مَن يتحقَّقُ له النصرُ بلا سببٍ ولا تعبٍ، بماذا يَسْتحِقُّ الجنةَ؟ ! ولو كان كلُّ مُتَّبِعٍ للإسلامِ والرسالةِ المحمديَّةِ ينتصِرُ بلا سببٍ يأخُذُ به، ولا محنةٍ وشِدَّةٍ تمُرُّ عليه، وتُسيِّرُهُ الأقدارُ بلا اختيارٍ، لأقبَلَ على الإسلام كلُّ أحدٍ؛ لِمَا يَرَوْنَهُ مِن عاجلِ الدُّنيا والتمكينِ فيها، واللَّهُ لا يُريدُ لدِينِهِ إلَّا مقبِلًا بصدقٍ وإخلاصٍ يُرِيدُ اللَّهَ والدارَ الآخِرةَ.