للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّهاتِ المؤمنينَ أكثَرُ؛ لأنَّ نظرَ الصحابةِ لأمَّهاتِ المؤمنينَ نظرُ إجلالٍ وتعظيمٍ وتوقيرٍ.

سادسًا: أنَّ قولَه تعالى: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ لا يُتصوَّرُ خَصُوصيَّةُ أمَّهاتِ المؤمِنِينَ به، فيُقالُ: إنَّه يجوزُ لغيرِهِنَّ أنْ يتبرَّجْنَ تبرُّج الجاهليَّةِ الأُولى، وأمَّا أمَّهاتُ المؤمنينَ، فيحرُمُ، والحقُّ أنَّه محرَّمٌ في حقِّ الجميع؛ ولكنَّ أمَّهاتِ المؤمنينَ أشَدُّ في التحريمِ.

سابعًا: أنَّ الصحابيَّاتِ اعتَدْنَ على تتبُّعِ أمَّهاتِ المؤمِنِينَ؛ فما فَعَلْنَهُ يَرَيْنَهُ تشريعًا لهنَّ مِن بابِ أَولى؛ كما جاء في "الصحيحَيْنِ"، عن عمرَ؛ أنَّ زوجتَهُ راجَعتْه، فقالتْ له محتجَّةً بأُمَّهاتِ المؤمنينَ: "مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ؟ ! فَوَاللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيَّ لَيُرَاجِعْنَهُ، وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ! " (١).

ثامنًا: أنَّ اللَّهَ يخصَّصُ في بعضِ السياقاتِ الأنبباءَ والصحابةَ تنبيهًا إلى دخولِ غيرِهم مِن بابِ أَوْلى في الحُكْمِ، وهذا أسلوبٌ شرعيٌّ كثيرٌ في الأحكامِ؛ تنبيهًا إلى أنَّه لمَّا دخَلَ الأعظمُ والأجلُّ، فغيرُهُ أَولى؛ لهذا قال في بيانِ الحدودِ: (لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَهَا) (٢)، وقال في تحريمِ الرِّبا: (أَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ) (٣)، وقال في تحريم دماءِ الجاهليَّةِ: (إِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ) (٤)، وربيعةُ ابنْ عمِّ النبيِّ .

تاسعًا: لو قُلْنا بالخَصُوصيَّةِ، فخَصُوصيَّةُ النبيِّ مِن بابِ أَولى


(١) أخرجه البخاري (٢٤٦٨)، ومسلم (١٤٧٩).
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٧٥)، ومسلم (١٦٨٨)؛ من حديث عائشة .
(٣) أخرجه مسلم (١٢١٨)؛ من حديث جابر .
(٤) أخرجه مسلم (١٢١٨)؛ من حديث جابر .

<<  <  ج: ص:  >  >>