للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتقدَّم الكلامُ على أنَّه لا يجوزُ أخذُ الشيءِ بِسَيْفِ الحياءِ والإلحاحِ عندَ قولِهِ تعالى في صدرِ سورةِ النساءِ: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} [٤]، وقولِهِ تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [٢٩].

وقولُه تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}، فيه دليلٌ على جوازِ خِلْطَةِ بهيمةِ الأنعام، والخِلْطةُ تُصيِّرُ المالَ المُختلِطَ في حُكْمِ المالِ الواحدِ إذا كان مجموعُها يبلُغُ النِّصابَ وإذا كان أصحابُ المالِ مِن أهلِ الوجوبِ، ويُشترَطُ في الخِلْطةِ الاشتراكُ في المَرَاحِ والمَسْرَحِ والمَرْعَى، فيَسْرَحْنَ جميعًا ويَرْجِعْنَ جميعًا، وفَحْلُهما واحدٌ، فإنْ كانتِ الخليطةُ كذلك فهي في حُكْمِ المالِ الواحدِ؛ سواءٌ كانت شراكةَ أعيانٍ أو أوصافٍ، وعندَ الزكاةِ لا يجوزُ التفريقُ بينَهما خشيةَ الصَّدَقةِ؛ بل تجبُ الزكاةُ فيهما جميعًا كالمالِ الواحدِ؛ وذلك لقولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّق بَيْنَ مُجْتَمِعٍ؛ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ) (١)، (وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْن، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ) (٢).

وجماهيرُ العلماءِ على أنَّ الخِلْطةَ لا تؤثِّرُ في الزكاةِ إلَّا في بهيمةِ الأنعامِ، وأمَّا غيرُه مِن المالِ، فلو اختلَطَ، لوجَبَتِ الزكاةُ على كلِّ واحدٍ في نصيبِه، وإنْ كان الجميعُ يبلُغُ الزكاةَ ولكنْ لو تفرَّقوا جميعًا، لم يبلُغْ كلُّ واحدٍ نصابًا، لم تجبْ عليهم الزكاةُ.

* * *


(١) أخرجه البخاري (١٤٥٠)؛ من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجه البخاري (١٤٥١)؛ من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>