للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روى ابن جريرٍ، عن عليٍّ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ؛ قولَه: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}؛ يقولُ: "مَنْ أحرَمَ بحَجٍّ أو بعُمْرةٍ، ثمَّ حُبِسَ عن البيتِ بمَرَضٍ يُجْهِدُهُ، أو عُذْرٍ يَحْبِسُهُ، فعليه قضَاؤُها" (١).

وروى عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن عَطَاءٍ؛ قال: "الإحصارُ كلُّ شيءٍ يَحْبِسُهُ" (٢).

وروى عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهِدٍ؛ أنَّه كان يقولُ: "الحَصْرُ: الحَبْسُ كلُّه" (٣).

وقال به قتادةُ، وعروةُ بنُ الزُّبَيْرِ (٤)؛ وهو الصحيحُ.

ويُغنِي عنِ الدليلِ على عمومِ الإحصارِ ما جاء في "المسنَدِ" و"السُّنَنِ"؛ عن عكرمةَ مِن حديثِ الحَجَّاجِ بنِ عَمْرٍو الأَنْصَاريِّ؛ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: (مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ، فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى)، قالَ عِكرِمةُ: فَذَكَرْتُ ذلك لِابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ؟ فَقَالَا: صدَقَ (٥).

ورُوِيَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ خلافُ قولِه السابقِ، وأنْ لَا إحصارَ إلَّا إحصارُ العَدُوِّ؛ رواهُ طاوسٌ، وعَمْرُو بنُ دينارٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ (٦).

وحمَلَ بعضُ الفقهاءِ قولَ ابنِ عبَّاسٍ هذا على أنه قصَدَ سبَبَ نزولِ الآيةِ؛ يعني: أنَّها لم تنزِلْ في حصرِ مَرَضٍ، ولم يُرِدِ ابنُ عبَّاسٍ حَصْرَ الحُكْمِ؛ وإنَّما أرادَ حَصْرَ سببِ النزولِ؛ والدليلُ على ذلك: أنَّه ثبَتَ عنهُ وعن غَيرِ واحدٍ مِن أصحابِه - العُذْرُ بحَصْرِ غيرِ العَدُوِّ على ما تقَدَّمَ.

وقال بعدَمِ الإحصارِ بغيرِ العدوِّ: ابنُ عُمرَ، وثبَتَ عنه أيضًا


(١) "تفسير الطبري" (٣/ ٣٤٣).
(٢) "تفسير الطبري" (٣/ ٣٤٢ - ٣٤٣).
(٣) "تفسير الطبري" (٣/ ٣٤٢).
(٤) "تفسير الطبري" (٣/ ٣٤٣).
(٥) أخرجه أحمد (١٥٧٣١) (٣/ ٤٥٠)، وأبو داود (١٨٦٢) (٢/ ١٧٣)، والترمذي (٩٤٠) (٣/ ٢٦٨)، والنسائي (٢٨٦١) (٥/ ١٩٨)، وابن ماجه (٣٠٧٧) (٢/ ١٠٢٨).
(٦) "تفسير الطبري" (٣/ ٣٤٥)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>