عن تمثيلِ اللهِ وتشبيهِ صِفاتِهِ بالمخلوقِينَ ولو في الأذهانِ، وهي مطالَبةٌ بفَهْمِ مُرادِ اللهِ مِن ذِكْرِ صفاتِه وأسمائِه؛ بمعرفةِ آثارِها على العِبادِ، والتعرُّفِ على الخالقِ وكمالِه، وجمالِه وجلالِه، وصَرْفِ العبادةِ له وحدَه، وكلُّ ما وراءَ ظواهرِ الأدلةِ في الأسماءِ والصفاتِ ليس مأذونًا للعقولِ أنْ تنظُرَ فيه، فضلًا عن أنْ تدَّعِىَ تردُّدَها في فهمهِ بينَ معانٍ وصورٍ محصورةٍ؛ لأنَّ اللهَ يقولُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، ، فبَحْثُ المِثْلِيَّةِ منهيٌّ عنه، وكلُّ ما وراءَ ظواهرِ الأدلةِ ممَّا يتصوَّرُهُ العقلُ: جهلٌ، والجهلُ لا يكونُ متشابِهًا وإنْ تعدَّدَ في الذهنِ؛ لأنَّ الحقَّ ليس في واحدٍ منها، والمتشابِهُ هو ما تردَّدَ الحقُّ فيه بينَ عِدَّةِ مَعَانٍ مُنقدِحةٍ في الأذهانِ، ولو صحَّ ذلك، لَسُمِّيَ كلُّ جهلٍ: متشابِهًا.
ومَن قال بنفيِ التشابُهِ المطلَقِ في القرآنِ كلِّه، علَّلَ ذلك بمخالَفةِ مقتضَى التنزيلِ، وهو الإحكامُ، ولأنَّ السلفَ لم يترُكُوا آيةً في القرآنِ إلا ولهم تأويلٌ فيها جميعِها، ولو كان في القرآنِ متشابهٌ، لَمَا جَسَرُوا عليه؛ وإنَّما ما يَتَشَابَهُ على أحدٍ يُفسِّرُه غيرُه.