للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُوُفِّيَ مُنذرُ فِي انسلاخِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

وَقَدْ سَمِعَ مِنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَأَخَذَ عَنِ ابْنِ المُنْذِرِ (كِتَابَ الإِشرَافِ (١)) .

وَمِنْ خطبَتِهِ إِذْ أُرتِجَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ القَالِيِّ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ لِكُلِّ حَادثَةٍ مَقَاماً، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالاً، وَلَيْسَ بَعْدَ الحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَل، وَإِنِّي قَدْ قُمْتُ فِي مَقَامٍ كَرِيمٍ بَيْنَ يَدَيْ مَلكٍ عَظيمٍ، فَأَصغُوا إِلَى مَعْشَرِ الملأِ بِأَسْمَاعكُمْ إِنَّ مِنَ الحَقِّ أَنْ يُقَالَ للمُحِقِّ: صَدَقْتَ، وَللمُبْطِلِ: كَذبتَ.

وَإِنَّ الجَلِيْلَ تَعَالَى فِي سَمَائِهِ، وَتَقَدَّسَ بِأَسمَائِهِ، أَمرَ كَلِيْمَهُ مُوْسَى أَنْ يُذَكِّرَ قومَهُ بِنِعَمِ اللهِ عِنْدَهُمْ، وَأَنَا أُذكِّرُكُمْ نِعَمَ اللهِ عَلَيْكُمْ.

وَتَلاَ فِيْهِ لَكُمْ بِوِلاَيَةِ أَمِيْرِكُم الَّتِي آمَنَتْ سِرْبَكُمْ، وَرَفَعَتْ خَوفَكُمْ، وَكُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ، وَمُسْتَضْعَفِينَ فَقوَّاكُمْ، وَمُستَذلِّينَ فَنَصَرَكُمْ، وَلاَّهُ اللهُ أَيَّاماً (٢) ضَرَبَتِ الفِتْنَةُ سُرَادقَهَا عَلَى الآفَاقِ، وَأَحَاطَتْ بِكُمْ شُعَلُ النِّفَاقِ، حَتَّى صِرتُمْ مِثْلَ حَدَقَةِ البَعيرِ، مَعَ ضِيقِ الحَالِ وَالتَّغييرِ، فَاسْتُبْدِلْتُمْ بِخِلاَفَتِهِ مِنَ الشِدَّةِ بِالرَّخَاءِ ... إِلَى أَنْ قَالَ: فَنَاشدتُكُمُ اللهَ، أَلَمْ تَكُنِ الدِّمَاءُ مسفوكَةً فَحَقَنَهَا؟ وَالسُّبُلُ مخوفَةً فآمَنَهَا، وَالأَمْوَالُ منتَهَبَةً فَأَحْرَزَهَا (٣) ، وَالبِلاَدُ خرَاباً فَعَمَّرَهَا، وَالثُّغُوْرُ مُهتضمَةً فَحَمَاهَا وَنَصَرَهَا، فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللهِ عَلَيْكُمْ ... ، وَذَكَرَ بَاقِي الخطْبَةِ.

وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَولِدَهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَيَكُونُ عمُرُهُ تِسْعِيْنَ سنَةً كَاملَةً - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.


(١) قال القفطي: وكانت له رحلة إلى المشرق، لقي فيها جماعة من علماء الفقه واللغة، وجلب كتاب " الاشراف في اختلاف العلماء " رواية عن مؤلفه محمد بن المنذر " إنباه الرواة ": ٣ / ٣٢٥.
(٢) في " معجم الأدباء ": ولاه الله إمامتكم أيام ضربت..، وفي " المطمح ": ولاه الله رعايتكم، وأسند إليه إمامتكم أيام..
(٣) أي: جعلها في حرز حريز.