للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَامتدَّتْ أَيَّامُه، إِلَى أَنْ أَخذت الفِرَنْج طَرَابُلُسَ المَغْرِب بِالسَّيْف، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ، فَهَرَبَ الحَسَنَ مِنَ المَهديَّةِ (١) هُوَ وَأَكْثَر أَهْلهَا، ثُمَّ انضمَّ إِلَى السُّلْطَان عبد المُؤْمِن.

وَقَدْ وَقَفَ ليَحْيَى ثَلاَثَةُ غربَاء، وَزعمُوا أَنَّهُم يَعملُوْنَ الكيمِيَاء، فَأَحضرَهُم لِيَتَفَرَّج وَأَخلاَهُم، وَعِنْدَهُ قَائِدُ عَسْكَره إِبْرَاهِيْم، وَالشَّرِيْف أَبُو الحَسَنِ، فَسلَّ أَحَدهُم سِكِّيناً، وَضرب المَلِكَ، فَمَا صَنَعَ شَيْئاً، وَرَفَسَه الْملك دَحرَجَهُ، وَدَخَلَ مَجْلِساً وَأَغلقه، وَقُتِلَ الآخِر الشَّرِيْف، وَشدَّ إِبْرَاهِيْم بِسَيفِهِ عَلَيْهِم، وَدَخَلَ المَمَالِيْكُ، وَقتلُوا الثَّلاَثَة، وَكَانُوا باطنِيَة، أَظُنُّ الآمْر العبُيدي نَدَبَهُم لِذَلِكَ.

٢٣٩ - الدَّرْزِيْجَانِيُّ أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ بنُ الحَسَنِ *

الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ بنُ الحَسَنِ الفَقِيْهُ، الحَنْبَلِيّ، المُقْرِئ، صَاحِبُ القَاضِي أَبِي يَعْلَى.

سَمِعَ: مِنْهُ، وَمِنْ: أَبِي عَلِيٍّ بنِ البَنَّاء، وَلَقَّن خلقاً كَثِيْراً، وَكَانَ قَوَّالاً بِالْحَقِّ، أَمَّاراً بِالعُرف، كَبِيْرَ الشَّأْنِ، عَظِيْمَ الهيبَة.

أَثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ النَّجَّار، وَبَالَغَ فِي تَعْظِيْمِهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ كُلَّ يَوْم فِي رَكْعَة وَاحِدَة، وَأَنَّهُ تَفَقَّهَ بِأَبِي يَعْلَى.


(١) المهدية: مدينة بساحل إفريقية بناها عبيد الله المهدي الخارج على بني الأغلب، قال صاحب " الروض المعطار " ص: ٥٦٢: وكان ابتداء بنيانها في سنة ثلاث مئة، وبينها وبين القيروان ستون ميلا، وقد أحاط بها البحر من جهاتها الثلاث، وإنما يدخل إليها من الجانب الغربي.
(*) تاريخ الإسلام: ٤ / ١٧٨ / ١، ذيل طبقات الحنابلة: ١ / ١١٠، شذرات الذهب: ٤ / ١٥ - ١٦.