للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دَخَلَ جلسَ بِلاَ إِذن، وَأَخَذَ فِي رِوَايَة حَدِيْثٍ بِلاَ أَمر، فَتَنَمَّرَ لَهُ السُّلْطَانُ، وَأَمر غُلاَماً، فَلَكَمَهُ لَكْمَةً أَطْرَشَتْهُ، فَعَرَّفَهُ بَعْضُ الحَاضِرِيْنَ منزلَتَهُ فِي الدِّينِ وَالعِلْمِ، فَاعْتذر إِلَيْهِ، وَأَمَرَ لَهُ بِمَال، فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: يَا شَيْخُ: إِنَّ لِلمُلْكِ صَولَةً، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى السِّيَاسَة، وَرَأَيْتُ أَنَّكَ تَعَدَّيْتَ الوَاجِبَ، فَاجعلْنِي فِي حِلٍّ.

قَالَ: اللهُ بَيْنَنَا بِالمِرصَاد، وَإِنَّمَا أَحَضَرتَنِي لِلوعظ، وَسَمَاعِ أَحَادِيْث الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَللخشوع لاَ لإِقَامَة قوَانِيْنَ الرِّئَاسَة.

فَخَجِلَ المَلِكُ وَاعْتَنَقَهُ (١) .

ذكره يَاقُوْت فِي (تَارِيخ الأُدبَاء) وَقَالَ (٢) :تُوُفِّيَ فِي شَوَّال سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة بِسَانْزُوَار (٣) .

قُلْتُ: رُتْبَةُ مَحْمُوْدٍ رفِيعَةٌ فِي الجِهَادِ وَفتحِ الهِنْد وَأَشيَاء مليحَة، وَلَهُ هَنَاتٌ، هَذِهِ مِنْهَا، وَقَدْ نَدِمَ وَاعْتَذَرَ، فَنَعُوذ بِاللهِ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ جَبَّار.

وَقَدْ رَأَينَا الجَبَّارِيْنَ المُتَمَرِّدين الَّذِيْنَ أَمَاتُوا الجِهَاد، وَطَغُوا فِي البِلاَد، فَوَاحسرَةً عَلَى العِبَاد.

٩١ - اللَّوْزَنْكِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الأَنْدَلُسِيُّ *

مُفْتِي طُلَيْطُلَةَ، الإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الأَنْدَلُسِيُّ، اللَّوْزَنْكِيُّ المَالِكِيُّ.

امْتَحَنَهُ ملك طُليطلَة المَأْمُوْن (٤) ، هُوَ وَابْنَ مُغِيْث، وَابْنَ أَسَد،


(١) انظر " معجم الأدباء " ١٣ / ٢٧٤ - ٢٧٥.
(٢) " معجم الأدباء " ١٣ / ٢٧٣.
(٣) لم نعثر على ترجمة هذه البلدة في معاجم البلدان.
(*) ترتيب المدارك ٤ / ٨١٩ - ٨٢١، الصلة ١ / ٦٤ - ٦٥.
واللوزنكي: ضبطت في الأصل بفتح اللام وسكون الواو وفتح الزاي وسكون النون، ولم نعثر على هذه النسبة في كتب الأنساب، وفي " ترتيب المدارك " و" الصلة ": يعرف بابن اللورانكي.
(٤) هو يحيى بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذي النون، سترد ترجمته برقم (١٠٦) .