للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَوَجَدتُ المَالَ قَدْ بُعِثَ بِهِ إِلَى أَبِي، ثُمَّ عَادَ أَبِي إِلَى رُتْبَتِهِ، وَحَصَّلَ، ثُمَّ بَعَثَ مَعِي بِالوَفَاءِ، فَكَلَّمتُهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ! أَكُنْتَ صَيْرَفِيّاً لأَبِيْكَ؟ اخْرُجْ عَنِّي، وَخُذِ المَالَ لَكَ.

فَرُدِدتُ بِالمَالِ إِلَى أَبِي، فَأَعْطَانِي مِنْهُ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.

وَقِيْلَ: أَتَاهُ رَجُلٌ يَمُتُّ (١) بِأَمرٍ، فَقَالَ: يَا هَذَا! مَا حَاجَتُكَ؟

قَالَ: رَثَاثَةُ مَلْبَسِي تُخْبِرُكَ.

قَالَ: فَبِمَ تَمُتُّ؟

قَالَ: إِنِّيْ فِي سِنِّكَ، وَمِنْ جِيْرَانِكَ، وَاسْمِي كَاسْمِكَ.

قَالَ: وَمَا عِلْمُكَ بِالوِلاَدَةِ؟

قَالَ: حَكَتْ لِي أُمِّي أَنَّهَا وَلَدَتْنِي صَبِيْحَةَ مَوْلِدِكَ، وَقِيْلَ لَهَا: وُلِدَ اللَّيْلَةَ لِيَحْيَى بنِ خَالِدٍ ابْنٌ سَمَّوْهُ الفَضْلَ.

قَالَ: فَسَمَّتْنِي أُمِّي الفُضَيْلَ إِكْبَاراً لاسْمِكَ.

فَتَبَسَّمَ الفَضْلُ، وَأَمَرَ لَهُ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ أَلفاً، وَمَرْكُوباً، ثُمَّ اسْتَعَمَلَه دِيْوَاناً.

ضُرِبَ الفَضْلُ مائَتَي سَوْطٍ فِي المُصَادَرَةِ، حَتَّى كَادَ يَتْلَفُ، ثُمَّ دَاوَاهُ الجَرَائِحِيُّ مُدَّةً.

٣٠ - الأَحْمَرُ عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ *

شَيْخُ العَرَبِيَّةِ، عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ.

وَقِيْلَ: عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ، تِلْمِيْذُ الكِسَائِيِّ، نَاظَرَ سِيْبَوَيْه مَرَّةً.

قَالَ ثَعْلَبٌ: كَانَ الأَحْمَرُ يَحفَظُ - سِوَى مَا يَحْفَظُ - أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ بَيْتٍ شَاهِداً


(١) المت: كالمد، إلا أن المت يوصل بقرابة ودالة يمت بها، قال ابن سيده: مت إليه بالشيء يمت متا: توسل، وقال ابن الاعرابي: متت الرجل: إذا تقرب بمودة أو قرابة.
(*) العلل لأحمد ١٨٩، تاريخ ابن معين: ٤٢٢، طبقات النحويين للزبيدي: ٩٥، تاريخ بغداد ١٢ / ١٠٤، ١٠٥، معجم الأدباء ١٣ / ٥، ١١، إنباه الرواة ٢ / ٣١٣، ٣١٧، المزهر ٢ / ٤١٠، بغية الوعاة ٢ / ١٥٨، ١٥٩، نزهة الالباء: ٩٧، الأنساب ١ / ٤٥.