للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهَزمُوهُ، وَأُخذت خزَائِنُه، وَركب هُوَ فيلاً مَاهراً حَرِكاً يُعِدُّهُ للحُرُوب، فنجَا عَلَيْهِ فِي قُلٍّ مِنْ غِلمَانه، وَكَانَ جسيماً لاَ يعدُو بِهِ فَرَسٌ إِلاَّ قَلِيْلاً، ثُمَّ أَقَامَ بغَزْنَة، وَأخلدَ إِلَى اللَّذَاتِ، وَذهبت مِنْهُ خُرَاسَان، فَعزم عَلَى سُكنَى الهِنْد بآلِه وَرجَاله.

وَشَرَعَ فِي ذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ فِي الشِّتَاء لفَرْطِ برد غَرْنَة، وَأَخَذَ مَعَهُ أَخَاهُ مُحَمَّداً مَسمولاً، فَلَمَّا وَصل إِلَى نهر الهِنْد، نَزَلَ عَلَيْهِ، وَوَاصل السُّكْرَ، وَاسْتقرّ بقلعَةٍ هُنَاكَ، وَتَخطَّفَه بَعْض العَسْكَر، وَذلَّ، فَخَلَعُوهُ، وَملَّكُوا المسمُوْل مُحَمَّداً، وَقبضَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ، وَقَال: لأُقَابلنَّك عَلَى فعلِكَ بِي، فَاخَتَرْ مَكَاناً تنزِلُهُ بحشمِكَ.

فَاختَار قلعَةً، فَبعَثَهُ إِلَيْهَا مُكَرماً.

فَعمل عَلَيْهِ وَلدُ مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٌ.

وَبيَّتوهُ وَقتلُوهُ حَنَقاً عَلَيْهِ، وَجَاؤُوا بِرَأْسِهِ إِلَى السُّلْطَانِ المسمُوْل، فَبَكَى، وَغَضِبَ عَلَى ابْنه، وَدَعَا عَلَيْهِ، وَكَانَ مَوْدُودُ بنُ مَسْعُوْد مقيماً بغَزْنَة وَبينهُمَا عَشْرَةُ أَيَّام، فسَارع فِي خَمْسَة آلاَف، وَبيَّت مُحَمَّداً، وَقتلَ أُمرَاء، وَقبض عَلَى عَمِّه مُحَمَّدٍ، وَقتلَ الَّذِيْنَ قتلُوا أَبَاهُ؛ وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ، ثُمَّ قتل عَمَّه مُحَمَّداً (١) .

٣٢١ - ابْن الطُّبَيزِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيُّ *

الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَحْمَدَ الحَلَبِيُّ، السَّرَّاجُ، الرَّامِي، المَشْهُوْرُ: بِابْنِ الطُّبَيز، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.


(١) انظر " المنتظم " ٨ / ٩٩ و١٠٧، و" الكامل " ٩ / ٤٧٧ - ٤٨٩، و" البداية والنهاية " ١٢ / ٤٣ و٤٨، ٤٩، و" تاريخ " ابن خلدون ٤ / ٣٨٣، ٣٨٤.
(*) الإكمال ٥ / ٢٥٧، العبر ٣ / ١٧٤، تبصير المنتبه ٣ / ٤٦٢ (الطبيز) ، شذرات الذهب ٣ / ٢٤٨.