للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكره الأَبَّار بِلاَ تَارِيخ وَفَاة، وَقَالَ (١) : كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَمَل وَالاجتهَاد، مُنْقَطِع القرِيْنَ فِي العِبَادَةِ وَالنُّسك.

قَالَ: وَتُوُفِّيَ بتِلِمْسَان، فِي نَحْو التِّسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَكَانَ آخر كَلاَمه: الله الحيّ، ثُمَّ فَاضت نَفْسه.

قَالَ مُحْيِي الدِّيْنِ ابْنُ العَرَبِيِّ: كَانَ أَبُو مَدْيَنَ سُلْطَانَ الوَارِثِيْنَ، وَكَانَ جمَال الحُفَّاظ عَبْدُ الحَقِّ الأَزْدِيّ قَدْ آخَاهُ بِبجَايَة، فَإِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ، وَيَرَى مَا أَيَّده الله بِهِ ظَاهِراً وَبَاطِناً، يَجد فِي نَفْسِهِ حَالَة سَنِيَّةً لَمْ يَكُنْ يَجِدُهَا قَبْل حُضُوْر مَجْلِس أَبِي مَدْيَن، فَيَقُوْلُ عِنْدَ ذَلِكَ: هَذَا وَارِث عَلَى الحقيقَة.

قَالَ مُحْيِي الدِّيْنِ: كَانَ أَبُو مَدْيَن يَقُوْلُ:

مِنْ علاَمَات صِدْق المرِيْد فِي بدَايته انْقطَاعه عَنِ الخلْقِ، وَفرَارُه، وَمِنْ علاَمَات صِدْق فَرَاره عَنْهُم وَجُوْدُه لِلْحقِّ، وَمِنْ علاَمَات صدق وَجُوْده لِلْحقِّ رُجُوْعه إِلَى الخلْقِ، فَأَمَّا قَوْل أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيّ: لَوْ وَصلُوا مَا رَجَعُوا، فَلَيْسَ بِمنَاقض لِقَوْل أَبِي مَدْيَن، فَإِنَّ أَبَا مَدْيَن عَنَى رُجُوْعهُم إِلَى إِرشَاد الْخلق -وَاللهُ أَعْلَمُ-.

١١٠ - ابْنُ بُنَانٍ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيُّ *

المَوْلَى، الفَاضِلُ، الأَثِيْرُ، ذُو الرِّيَاسَتَيْنِ، أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ


(١) (التكملة) : ٣ / الورقة ١١٩، وقال: ذكره أبو الصبر السبتي وأبو عبد الله بن عبد الحق التلمساني.
(*) ترجم له ابن الأثير في التاريخ الباهر: ٨٥، ٨٩، وابن الدبيثي في تاريخه، الورقة: ١١٠ (شهيد علي) ، والقفطي في الانباه: ٣ / ٢٠٩، والمنذري في التكملة، الترجمة: ٥٢٥، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: ٩٥ (باريس ١٥٨٢) ، والمختصر المحتاج إليه: ١ / ١٢٢، والعبر: ٤ / ٢٩٤، وابن مكتوم في تلخيصه، الورقة: ٢٣٠، والصفدي في الوافي: ١ / ٢٨١، وابن شاكر في الفوات: ٣ / ٢٥٩، والغساني في العسجد، الورقة: ١٠٤، والدلجي في الفلاكة: ٨٩، وابن ناصر الدين في التوضيح، الورقة: ١١٢ =