للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ السَّمْعَانِيّ: هُوَ الإِمَامُ أَبُو تُرَابٍ، عَدِيمُ النَّظير فِي فَنِّه، بَهِيُّ المَنْظَر، سَلِيمُ النَفْس، عَامِلٌ بِعِلْمه، حَسَنُ الخُلُقِ، نَفَّاعٌ لِلْخَلْقِ، قوِيُّ الحِفْظِ، فَقِيْهُ النَّفْس، تَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى القَاضِي أَبِي الطَّيب.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الهَمَذَانِيّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ البِسْطَامِي وَغَيْرَهُ يَقُوْلُ:

كُنَّا عِنْدَ الإِمَام أَبِي تُرَاب حِيْنَ دَخَلَ عبدُ الصَّمد وَمَعَهُ المَنْشُوْرُ بقَضَاء هَمَذَان، فَقَامَ أَبُو تُرَاب، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَل عَلَيْنَا، وَقَالَ: أَنَا فِي انتِظَارِ المَنْشُوْرِ مِنَ اللهِ عَلَى يَدِ عَبدِه مَلَكِ المَوْتِ، أَنَا بِذَلِكَ أَلْيَقُ مِنْ مَنْشُوْرِ القَضَاء، ثُمَّ قَالَ: قُعُوْدي فِي هَذَا المَسْجَد سَاعَةً عَلَى فَرَاغِ القَلْب أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُلكِ العِرَاقين، وَمَسْأَلَةٌ فِي العِلْمِ يَسْتَفِيدُهَا مِنِّي طَالِبُ عِلْمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَمَلِ الثَّقَلَيْنِ (١) .

قَالَ السَّمْعَانِيّ: سَأَلتُ إِسْمَاعِيْلَ الحَافِظَ عَنْ أَبِي تُرَاب المَرَاغِيّ، فَقَالَ:

مُفْتِي نَيْسَابُوْر، أَفْتَى سِنِيْنَ عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَكَانَ حَسَنَ الهيئَةِ، بَهيّاً، عَالِماً، قِيْلَ: عَاشَ ثَلاَثاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، مَاتَ فِي رَابِعَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.

وَقِيْلَ: بَلْ مَوْلِدُهُ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِ مائَة.

٩٤ - ابْنُ أَبِي ذَرٍّ عِيْسَى بنُ عَبْدِ بنِ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ *

الشَّيْخُ، العَالِمُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو مَكتُوْم عِيْسَى ابنُ الحَافِظ الكَبِيْر أَبِي ذَرٍّ عَبْدِ


(١) وتمامه كما في البداية ١٢ / ١٥٧: والله لا أفلح قلب تعلق بالدنيا وأهلها، وإنما العلم دليل، فمن لم يدله علمه على الزهد في الدنيا وأهلها لم يحصل على طائل من العلم، ولو علم ما علم، فإنما ذلك ظاهر من العلم، والعلم النافع وراء ذلك، والله لو قطعت يدي ورجلي، وقلعت عيني أحب إلي من ولاية فيها انقطاع عن الله والدار الآخرة، وما هو سبب فوز المتقين وسعادة المؤمنين.
(*) العبر: ٣ / ٣٤٨، عيون التواريخ: ١٣ / ١٢٦، شذرات الذهب: ٣ / ٤٠٦.