للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرِّسَالَةُ عَمِلْتُهَا رَدّاً علَىالرَّافِضَةِ، وَسَبَبُهُ أَنَّهُم كَانُوا يَحْضُرُوْنَ مَجْلِسَ بَعْضِ الوُزَرَاءِ، وَكَانُوا يُغْلُوْنَ فِي حَالِ عَلِيٍّ، فَعَمِلْتُ هَذِهِ الرِّسَالَةَ (١) .

قُلْتُ: قَدْ بَاءَ بِالاخْتِلاَفِ عَلَى عَلِيٍّ الصَّفْوَةُ، وَقَدْ رَأَيْتُهَا، وَسَائِرُهَا كَذِبٌ بَيِّنٌ.

٧٨ - هِشَامٌ المُؤَيَّدُ بِاللهِ بنُ المُسْتَنْصِرِ *

صَاحِبُ الأَنْدَلُسِ، بَايَعُوْهُ صَبِيّاً، فَقَامَ بِتَشْيِيْدِ الدَّوْلَةِ الحَاجِبُ المَنْصُوْرُ (٢) مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَامِرٍ، فَكَانَ مِنْ رِجَالِ الدَّهْرِ رَأْياً، وَحَزْماً، وَدَهَاءً، وَشَجَاعَةً، وَإِقدَاماً - أَعْنِي: الحَاجِبَ - فَعَمَدَ أَوَّلَ تَغَلُّبِهِ إِلَى خَزَائِنِ كُتُبِ الحَكَمِ، فَأَبْرَزَ مَا فِيْهَا بِمِحْضَرٍ مِنَ العُلَمَاءِ، وَأَمَرَ بِإِفْرَازِ مَا فِيْهَا مِنْ تَصَانِيْفِ الأَوَائِلِ وَالفَلاسِفَةِ حَاشَا كُتُبِ الطِّبِّ وَالحِسَابِ، وَأَمَرَ بِإِحْرَاقِهَا، فَأُحْرِقَتْ، وَطَمَرَ بَعْضَهَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ تَحَبُّباً إِلَى العَوَامِّ، وَتَقْبِيْحاً لِمَذْهَبِ الحَكَمِ (٣) .

وَلَمْ يَزَلِ المُؤَيَّدُ بِاللهِ هِشَامٌ غَائِباً عَنِ النَّاسِ لاَ يَظْهَرُ وَلاَ يُنَفِّذُ أَمْراً.

وَكَانَ ابْنُ أَبِي عَامِرٍ مِمَّنْ طَلَبَ العِلْمَ وَالأَدَبَ، وَرَأَسَ وَتَرَقَّى، وَسَاعَدَتْهُ المَقَادِيْرُ، وَاسْتَمَالَ الأُمَرَاءَ وَالجَيْشَ بِالأَمْوَالِ، وَدَانَتْ لِهَيْبَتِهِ الرِّجَالُ،


(١) انظر " ميزان الاعتدال " ٤ / ٥١٨، و" لسان الميزان " ٧ / ٣٨. قال ابن حجر: فقد اعترف بالوضع.
(*) جذوة المقتبس ١٧، بغية الملتمس ٢١، الكامل لابن الأثير ٨ / ٦٧٧ - ٦٧٩، النبراس ٢٢، تاريخ ابن خلدون ٤ / ١٤٧، المغرب في حلي المغرب ١ / ١٩٣ - ١٩٦، البيان المغرب ٢ / ٢٥٣ و٣ / ١٩٧، نفح الطيب ١ / ٣٩٦.
(٢) تقدمت ترجمته برقم (٧) .
(٣) انظر الصفحة ١٥ تعليق رقم (٢ و٣)