للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ثالثا - رحلاته في طلب العلم]

كان الذهبي يتحسر على الرحلة إلى البلدان الأخرى، لما لذلك من أهمية بالغة في تحصيل علو الإسناد، وقدم السماع، ولقاء الحفاظ، والمذاكرة لهم، والاستفادة عنهم (١) .

إلا أن والده لم يشجعه على الرحلة، بل منعه في بعض الأحيان، قال في ترجمة أبي الفرج عبد الرحمن بن عبد

اللطيف بن محمد بن وريدة البغدادي الحنبلي شيخ المستنصرية " ٥٩٩ ٦٩٧ (٢) هـ ": " وقد هممت بالرحلة إليه، ثم تركته لمكان الوالد (٣) "، وقال في ترجمته من " معرفة القراء الكبار ": " وانفرد عن أقرانه، وكنت أتحسر على الرحلة إليه، وما أتجسر خوفا من الوالد، فإنه كان يمنعني (٤) "، وقال في ترجمة المكين الأسمر المقرئ الإسكندراني المتوفى سنة ٦٩٢ هـ: " ولما مات شيخنا الفاضلي، فازددت تلهفا وتحسرا على لقيه، ولم يكن الوالد يمكنني من السفر (٥) ".

ولم يكن الذهبي ابنا عاقا يخالف إرادة والده، لا سيما أن آداب طلب العلم تقتضي استئذان الأبوين في الرحلة (٦) ، ووجوب طاعتهما وبرهما، وترك الرحلة مع كراهتهما ذلك وسخطهما (٧) .

ويبدو لنا أن الذهبي


(١) راجع عن أهمية الرحلة: الخطيب البغدادي: " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع "، " باب الرحلة في الحديث إلى البلاد النائية للقاء الحفاظ وتحصيل الأسانيد العالية " الورقة ١٦٨ ١٦٩ (نسخة مكتبة البلدية بالإسكندرية ٣٧١١ ج ١) .
(٢) الدكتور ناجي معروف: " تاريخ علماء المستنصرية "، ١ / ٣٤٥ ٣٤٢.
(٣) الذهبي: " معجم الشيوخ "، م ١ الورقة ٧٤.
(٤) الذهبي: " معرفة القراء "، ص ٥٥٦ وقال في " تاريخ الإسلام ": " وكنت في سنة أربع وتسعين وسنة خمس أتلهف على لقيه، وأتحسر، وما يمكنني الرحلة إليه لمكان الوالد ثم الوالدة " الورقة ٢٦٨ (أيا صوفيا ٣٠١٤) .
(٥) المصدر نفسه، ص ٥٥١ وانظر أمثلة أخرى في " معجم الشيوخ "، م ١ الورقة ٥.
(٦) الخطيب البغدادي.
" الجامع لأخلاق الراوي "، الورقة ١٧٠.
(٧) الخطيب البغدادي: " الجامع "، الورقة ١٧٥ ١٧١.