للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ ذَهَبَتْ عينُهُ (١) -رَحِمَهُ اللهُ- ثُمَّ مَاتَ، وَبُوْيِعَ الظَّاهِرُ ابْنُهُ.

١٣٢ - جِنْكِزْ خَان *

ملكُ التَّتَارِ وَسُلْطَانُهُم الأَوّلُ الَّذِي خَرَّبَ البِلاَدَ، وَأَفنَى العِبَادَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى المَمَالِكِ، وَلَيْسَ لِلتَّتَارِ ذِكرٌ قَبْلَهُ، إِنَّمَا كَانَتْ طَوَائِفُ المغولِ بَادِيَةً بِأَرَاضِي الصِّينِ، فَقَدَّمُوْهُ عَلَيْهِم، فَهَزمَ جَيْشَ الخَطَا، وَاسْتَوْلَى عَلَى مَمَالِكِهِم، ثُمَّ عَلَى تركستَانَ، وَإِقْلِيْمِ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ، ثُمَّ إِقْلِيْمِ خُرَاسَانَ وَبلاَدِ الجبلِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَذعَنَتْ بطَاعتِهِ جَمِيْعُ التَّتَارِ، وَأَطَاعُوْهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَتقيَّدُ بدينِ الإِسْلاَمِ وَلاَ بِغَيْرِهِ، وَقَتْلُ المُسْلِمِ أَهوَنُ عِنْدَهُ مِنْ قَتْلِ البُرْغُوثِ، وَلَهُ شَجَاعَةٌ مُفْرِطَةٌ، وَعَقلٌ وَافرٌ، وَدَهَاءٌ وَمَكرٌ، وَأَوَّلُ مَظْهْرِهِ كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.

وَمَاتَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَدْ شَاخَ، وَاسْمُهُ تُمرجين، وَالملكُ فِي عَقِبِهِ إِلَى اليَوْمِ، وَكُرْسِيُّ مَمْلَكتِهِ خَان بِالق قَاعِدَةُ الخَطَا، وَخلَّفَ سِتَّةَ بَنِيْنَ، تَملَّكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ أوكتَاي، ثُمَّ بَعْدَهُ مونكوقَا أَخُو هُولاَكو الطَّاغِيَة، ثُمَّ وَلِي قُبلاَي أَخُوْهُم، فَبقِي قُبلاَي إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَثَلاَثتُهُم بَنُوْ تُولِّي بنِ جِنْكِزْ خَان، وَقُتِلَ تُولِّي فِي مَلحَمَةٍ


(١) الذي في الكامل: " وقد ذهبت إحدى عينيه والاخرى يبصر بها ابصارا ضعيفا ".
(*) اخباره مشهورة وقد كتب فيه عطا ملك الجويني كتابه المشهور " جهان كشاي " أي " غازي العالم " بالفارسية، وما أغلفه كتاب تاريخ استوعب هذه الحقبة، وانظر: معجم البلدان: ٤ / ٨٥٨، وذيل مرآة الزمان: ١ / ٨٦، وتلخيص ابن الفوطي: ٣١٤ / ٥٥٦، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة ٤٠ (أيا صوفيا ٣٠١٢) ، والعبر: ٥ / ٩٨، والوافي بالوفيات: ١١ / ١٩٧ - ١٩٩، والبداية: ١٣ / ١١٧، والنجوم الزاهرة: ٦ / ٢٦٨، وشذرات الذهب: ٥ / ١١٣ وغيرها.