سِنْجَارُ، وَبَقِيَ فِي عَانَة حَزِيناً، فَتركهَا، وَمَضَى إِلَى بَغْدَادَ، فَبَاع عَانَةَ لِلمُسْتَنْصِر بِمَالٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى الملكِ الصَّالِح أَيُّوْبَ، فَمَا أَقْبَل عَلَيْهِ، وَهَمَّ بِاعْتقَالِه، فَفَرَّ إِلَى الكَرَكِ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ النَّاصِرُ، ثُمَّ هَرَبَ مِنْ مَخَالِيبِهِ، فَقَدم عَلَى صَاحِب دِمَشْقَ يَوْمَئِذٍ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيْلَ عَمِّه، فَمَا بشَّر بِهِ، وَتَرَاجَمَتْهُ الأَحْوَالُ، فَقصدَ الفِرَنْجِيَّ ملكَ بَيْرُوْتَ، فَأَكرمُوْهُ، وَحضر مَعَهُم وَقْعَةَ قلنسوَةَ مِنْ عَملِ نَابُلُسَ، قتلُوا بِهَا أَلفَ مُسْلِم - نَعُوذ بِاللهِ مِنَ الْمَكْر وَالخزي - ثُمَّ تَحَيَّل عَمُّه الصَّالِح إِسْمَاعِيْل عَلَيْهِ، وَذَهَبَ إِلَيْهِ ابْن يغمور، فَخدعه، وَجَاءَ فَقَبَضَ عَلَيْهِ الصَّالِح، فَسَجَنَهُ بِعَزّتَا.
وَقِيْلَ: إِنَّ الجَوَادَ لَمَّا تَسَلطنَ، التَقَى هُوَ وَالنَّاصِرُ دَاوُدُ بِظهْر حِمَار، فَانْهَزَم دَاوُدُ، وَأَخَذَ الجَوَادُ خَزَائِنه، وَدَخَلَ دَارَ المُعَظَّم الَّتِي بِنَابُلُسَ، فَاحتَوَى عَلَى مَا فِيْهَا، وَكَانَ بِمِصْرَ قَدْ تَمَلَّكَ العَادلُ وَلدُ الكَامِلِ، فَنفذ يَأْمر الجَوَادَ بِردِّ بِلاَده إِلَيْهِ، وَأَنْ يردّ إِلَى دِمَشْقَ، فَرَدَّ إِلَيْهَا، وَدَخَلَهَا فِي تَجمُّلٍ زَائِدٍ، وَزَيَّنُوا البَلَد، وَكَانَ يُخطبُ لَهُ بَعْد ذِكْرِ العَادلِ ابْنِ عَمِّهِ، مَضَى هَذَا، ثُمَّ إِنَّ الفِرَنْج أَلَحُّوا عَلَى الصَّالِحِ، وَكَانَ مُصَافِياً لَهُم، فِي إِطلاَقِ الجَوَادِ، وَقَالُوا: لاَ بُدَّ لَنَا مِنْهُ.
وَكَانَتْ أُمُّه إِفرَنْجيَةً - فِيْمَا قِيْلَ - فَأَظهر لَهُم أَنَّهُ قَدْ تُوُفِّيَ، فَقِيْلَ: خَنَقهُ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَحُمِلَ، فَدُفِنَ عِنْدَ المُعَظَّمِ بِسَفحِ قَاسِيُوْنَ - سَامَحَهُ اللهُ تَعَالَى -.
١١١ - صَاحِبُ تُوْنُسُ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عُمَرَ الهَنْتَانِيُّ *
المَلِكُ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى ابْنُ الأَمِيْرِ عَبْدِ الوَاحِدِ ابْنِ الشَّيْخِ عُمَرَ الهَنتَانِيُّ، الموحّدِيُّ.
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة مكتبة أسعد أفندي =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute