للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ، وَاسْتَوْزَرَ هَذَا (١) ، فَدَام تِسْعَةَ أَعْوَامٍ، وَلَكِن كَانَتْ وِزَارَةُ الخُلَفَاءِ هَذَا الزَّمَان دُوْنَ رُتْبَةِ وِزَارَةِ السُّلْطَان، فَكَانَ نِظَامُ المُلْكِ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْهُ.

وَكَانَ عَمِيدُ الدَّوْلَة خَبِيْراً، سَائِساً، شُجَاعاً، شَهْماً، تَيَّاهاً، فَصِيْحاً، أَدِيباً، بَلِيْغاً، يَتقَعَّرُ كَابْنِ عَبَّادٍ فِي خِطَابِهِ، وَلَهُ هَيْبَةٌ شَدِيْدَة، وَأَلْفَاظُهُ مَعْدُوْدَة، مَدَحته الشُّعَرَاء.

وَفِي الآخِرِ حَبَسَهُ المُسْتظهر وَصَادره وَزِيْرُ السَّلطنَة، ثُمَّ أُخْرِجَ مَيتاً فِي شَوَّال، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ بِكِبْرِهِ يُضْرَبُ المَثَلُ، وَلَكِنَّهُ فِي النَّكبَة ذَلَّ، وَخَارَتْ نَفْسُهُ، وَأَنَابَ إِلَى اللهِ، وَآخِرُ مَا سُمِعَ مِنْهُ الشَّهَادَةُ - سَامَحَهُ اللهُ -.

وَعَاشَ تِسْعاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.

رَوَى عَنْ: أَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيّ، وَغَيْرِهِ، وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّدٌ.

٩٨ - أَبُو مُطِيعٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الضَّبِّيُّ *

الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ وَقته، أَبُو مُطِيعٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَحْمَدَ بنِ زَكَرِيَّا الضَّبِّيُّ، المَدِيْنِيُّ، النَّاسِخُ، المُجَلِّدُ،


(١) وقد نظم فيه الشاعر أبو منصور المعروف بصردر القصيدة المشهورة وأولها:
قد رجع الحق إلى نصابه * وأنت من دون الورى أولى به
ما كنت إلا السيف سلته يد * ثم أعادته إلى قرابه
ومنها: تيقنوا لما رأوها ضيعة * أن ليس للجو سوى عقابه
إن الهلال يرتجى طلوعه * بعد السرار ليلة احتجابه
والشمس لا يؤيس من طلوعها * وإن طواها الليل في جنابه
(*) دول الإسلام: ٢ / ٢٧، العبر: ٣ / ٣٤٨ - ٣٤٩، الوافي بالوفيات: ٤ / ٦٧، عيون التواريخ: ١٣ / ١٢٦، شذرات الذهب: ٣ / ٤٠٧.