للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: رَكِبَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ فِي زِيٍّ عَجِيْبٍ مِنَ التَّجَمُّلِ، وَكَانَ بِالبَصْرَةِ فَقِيْهٌ صَالِحٌ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ، فَخَرَجَ إِلَى طَرِيْقِ جَعْفَرٍ، فَقَالَ لَهُ: يَا جَعْفَرُ! اُنْظُرْ أَيَّ رَجُلٍ تَكُوْنُ إِذَا خَرَجتَ مِنْ قَبْرِكَ، وَحُمِلْتَ عَلَى الصِّرَاطِ، وَهَذَا الجَمعُ وَالزِّيُّ لاَ يُسَاوِي غَداً حَبَّةً، وَلاَ يُغْنُوْنَ عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً، إِنَّكَ تَمُوتُ وَحدَكَ، وَتَدْخُلُ قَبْرَكَ وَحْدَكَ، وَتَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَحدَكَ، وَتُحَاسَبُ وَحدَكَ، فَانظُرْ لِنَفسِكَ، فَقَدْ نَصَحتُكَ.

ذَكَرَ ابْنُ الفُوْطِيِّ (١) جَعْفَراً، فَلَقَّبَهُ: بِسَيِّدِ بَنِي هَاشِمٍ، وَقَالَ: كَانَ لَهُ بِالبَصْرَةِ كُلَّ يَوْمٍ غَلَّةُ ثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.

وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: غَسَّلتُ جَعْفَرَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَزَرَرْتُ عَلَيْهِ قَمِيْصَه حِيْنَ أَلبَستُهُ الكَفَنَ، ثُمَّ جَاءَ عَمُّهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بِتِسْعَةِ أَثْوَابٍ لِيُكَفِّنَه فِيْهَا، فَمَا كُفِّنَ إِلاَّ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ عَمَلاً بِالسُّنَّةِ.

وَقَدِ امْتَدَحَه جَمَاعَةٌ، وَأَخَذُوا جَوَائِزَه.

تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.

وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ.

٥٢ - أَخُوْه

ُ: مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ العَبَّاسِيُّ *

وَلِيَ البَصْرَةَ أَيْضاً، وَكَانَ فَارِسَ بَنِي هَاشِمٍ، قَتَلَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ


(١) هو عبد الرزاق بن أحمد بن محمد بن أحمد الشيباني البغدادي، المعروف بابن الفوطي الحافظ الاخباري المؤرخ المتكلم، صاحب التصانيف الكثيرة، ومنها " مجمع الآداب " قال الذهبي: لم يكن بالثبت فيما يترجمه، وكانت في دينه رقة، مات سنة ٧٢٤ هـ، وقال أيضا: ما كان بدون أبي الفرج الأصبهاني، وقال في " ذيل العبر ": له هنات وبوائق.
" لسان الميزان " ٤ / ١٠.
(*) تاريخ بغداد: ٥ / ٢٩١، المحبر: ٦١ و٣٠٥، الوافي بالوفيات: ٣ / ١٢١، الكامل لابن الأثير: ٦ / ١٧، النجوم الزاهرة: ٢ / ٤٧ و٧٠ و٧٣، والبيان والتبيين تحقيق هارون: ١ / ٢٩٥ ثم ٢ / ١٢٩.