للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٥ - ابْنُ غَانِيَةَ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ البَرْبَرِيُّ *

الأَمِيْرُ، المُجَاهِدُ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ عَلِيِّ ابْنِ غَانِيَةَ (١) البَرْبَرِيُّ، أَخُو الأَمِيْرِ مُحَمَّد (٢) .

وَجّه بِهِمَا أَمِيْر المُسْلِمِيْنَ عَلِيّ بن يُوْسُفَ بنِ تَاشفِيْن إِلَى الأَنْدَلُسِ عَلَى وِلاَيَة بَعْض مدنهَا (٣) ، فَكَانَ يَحْيَى مِنْ حَسَنَات الزَّمَان، قَدْ حصّل الفِقْه وَالسّنَّة، وَفِيْهِ دين وَورع، وَكَانَ مِمَّنْ يُضْرَبُ بِشَجَاعَته المَثَل، حَتَّى قِيْلَ: كَانَ يُعدّ بِخَمْسِ مائَة فَارِس، فَأَصْلَحَ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ أَشيَاء وَدفعَ بِهِ مَكَاره.

وَلِي بَلَنْسِيَة، ثُمَّ قُرْطُبَة، وَغَزَا عِدَّة غَزَوَات، وَسبَى، وَغنم.

وَأَكْبَر غَزَوَاته نَوْبَة مدينَة سَالِم لقِي فِيْهَا جَيْشاً ضَخْماً، فَهَزمهُم، وَنَازل المَدِيْنَة، وَأَقَامَ عَلَى قَبْر المَنْصُوْر مُحَمَّد بن أَبِي عَامِرٍ سَبْعَة أَيَّام، وَرجع سَالِماً غَانِماً، وَبَقِيَ إِلَى آخر دَوْلَة المرَابطين، وَلَمْ يُعْقِبْ، فَاضْطَّرَبَ أَمر أَخِيْهِ مُحَمَّد، وَبَقِيَ يَجول فِي الأَنْدَلُس، وَدعوَة المَصَامِدَة تَنْتَشر.

ثُمَّ إِنَّهُ قصد دَانِيَة، وَعدَّى مِنْهَا إِلَى جَزِيْرَة مَيُوْرْقَة، فَتملّكهَا، وَأَخَذَ الجزِيْرتين اللَّتين حَوْلَهَا: مَنُوْرَقَة وَيَابِسَةَ.

وَيُقَالُ: إِنَّ ابْن تَاشفِيْن أَبعده إِلَيْهَا عَلَى طَرِيْق الاعْتِقَالِ، وَمَيُوْرْقَة هَذِهِ طيبَة خصبَة، نَحْو ثَلاَثِيْنَ فَرْسَخاً، عَدِيْمَة الهوَامّ وَالوُحُوش،


(*) إن ذكر الذهبي ليحيى بن علي ابن غانية في هذه الطبقة يثير كثيرا من اللبس، حيث توفي هذا الأمير سنة ٥٤٣ كما ذكر غير واحد من الذين أرخوا له (انظر التفاصيل في دائرة المعارف الإسلامية ١ / ٣٥٧ ٣٥٦ والاعلام للزركلي ٩ / ١٩٨) .
وقد فصل عبد الواحد المراكشي أخبارهم وسيرهم في كتابه (المعجب) : ص ٣٤٢ فما بعد.
(١) غانية: لقب لام يحيى هذا، وكانت من قريبات يوسف بن تاشفين سلطان المرابطين في المغرب العربي.
(٢) إضافة يقتضيها السياق يظهر أنها سقطت من النسخ يدل عليها ما سيأتي من كلام وكان محمد هو الاخ الاصغر ليحيى.
(٣) كان ذلك سنة ٥٢٠ هـ.