للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ قَدْ غَضِبِ عَلَى ابْنِهِ، وَسَجَنَهُ خَوَفاً مِنْهُ، فَلَمَّا احتُضِرَ أَخْرَجَهُ، وَفَوَّضَ إِلَيْهِ مَنْصِبَهُ.

١٠١ - أَبُو أَحْمَدَ القَلاَنِسِيُّ مُصْعَبُ بنُ أَحْمَدَ *

شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، القُدْوَةُ، أَبُو أَحْمَدَ مُصْعَبُ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ، صَاحِبُ أَبِي حَمْزَةَ، وَمَاتَا فِي وَقتٍ.

حَكَى عَنْهُ: الوَاعِظُ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ، وَغَيْرُهُ.

قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: الحكَايَاتُ عَنْ أَخْلاَقِهِ وَمَذَاهِبِهِ يَطُوْلُ بِهَا الكِتَابُ، صَحِبَ أَبَا عُثْمَانَ الوَرَّاقَ، وَسَافَرَ مَعَ عَبْدِ اللهِ الرِّبَاطِيِّ، وَكَانَ مُقَدَّماً عَلَى جَمِيْعِ مُرِيْدِي بَغْدَادَ، لِمَا كَانَ فِيْهِ مِنَ السَّخَاءِ وَالأَخْلاَقِ، وَمرَاعَاتِهِ مَذَاهِبَ النُّسْكِ، مَعَ طِيْبِ القَلْبِ، وَرِقَّتِهِ وَعُلُوِّ الإِشَارَةِ، وَشِدَّةِ الاحْتِرَاقِ.

وَعِبَارَتُهُ كَانَتْ دُوْنَ إِشَارِتِهِ، وَلَهُ نُكَتٌ وَإِشَارَات، صَحِبْتُهُ إِلَى أَنْ مَاتَ، فَمَا رَأَيْتُهُ بَيَّتَ دِرْهَماً.

يَتَكَلَّمُ فِي الأَحْوَالِ وَالمَقَامَاتِ، وَكَانَ النُّورِيُّ يُقَدِّمَهُ فِي ذَلِكَ.

قَالَ مُنَبِّهُ البَصْرِيُّ: سَافَرْتُ مَعَ أَبِي أَحْمَدَ، فَجُعْنَا جُوْعاً شَدِيْداً، فَفَتَحَ عَلَيْنَا بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ فَآثَرَنِي بِهِ، وَكَانَ مَعَنَا سَوِيْق (١) ، فَقَالَ: يَا مُنَبِّهُ! تَكُوْنُ جَمَلِي؟ - يَمْزَح - قُلْتُ: نَعَم، فَكَانَ يَؤْجُرُنِي السَّوِيْقَ (٢) .


(*) حلية الأولياء ١٠ / ٣٠٦ - ٣٠٧، تاريخ بغداد: ١٣ / ١١٤ - ١١٥، المنتظم: ٥ / ٧٩ - ٨٠، اللباب: ٣ / ٦٧.
والقلانسي، بفتح القاف وتخفيف اللام: نسبة إلى القلانس وعملها.
والقلانس: جمع قلنسوة، وهي لباس للرأس مختلف الانواع والاشكال.
(١) السويق: طعام يتخذ من مدقوق الحنطة والشعير، سمي بذلك لانسياقه في الحلق.
(٢) حلية الأولياء: ١٠ / ٣٠٦، والزيادة منه، وتتمة الخبر فيه: " يحتال بذلك أن يؤثرني على نفسه، وكان صحب أبا محمد الرباطي المروزي، وسلك مع البادية، وورث عنه هذه الاخلاق الحميدة ... "