للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لجَدِّي، فَلَمَّا أَخَذَ فِي قِرَاءة (غَرَائِب شُعْبَة) ، فَلَمَّا بلغَ إِلَى حَدِيْث عُمَر فِي لبس الحَرِيْر مَاتَ أَبِي بَعْد عشَاء الآخِرَة، فَهَذَا مَا رَأَينَا.

وَذَكَرَ حِكَايَةَ ابْن طَاهِرٍ (١) أَنَّ المُؤتَمَنَ إِنَّمَا تَمَّمَ كِتَابَ الصَّحَابَة عَلَى أَبِي عَمْرٍو بَعْد مَوْته وَردَّهَا، وَقَالَ لابْنِ طَاهِر: يَجِبُ أَنْ تُصْلِحَ هَذَا، فَإِنَّهُ كذب.

قَالَ: وَكَانَ المُؤتَمَنُ مُتَوَرِعاً زَاهِداً، صَابراً عَلَى الفَقْرِ.

قَالَ ابْنُ نَاصر: تُوُفِّيَ المُؤتَمَن فِي صَفَرٍ، سَنَة سَبْعٍ وَخَمْس مائَة بِبَغْدَادَ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَكَانَ عَالِماً ثِقَةً، فَهماً مَأْمُوْناً.

١٩٦ - فَخْرُ المُلْكِ بن عَمَّارٍ *

صَاحِب طَرَابُلُس، كَانَ مِنْ دُهَاة الرِّجَال وَأَفرَادِ الزَّمَان شَجَاعَةً وَإِقدَاماً وَرَأْياً وَحَزْماً، ابْتُلِي بَلَدُهُ بِحصَارِ الفِرَنْجِ خَمْسَة أَعْوَام، وَهُوَ يُقَاومهُم وَيُنكِي فِي العَدُوّ، وَيَستظهِرُ عَلَيْهِم، وَيُرَاسِلُ مُلُوْكَ الأَطرَافِ، وَيُتحِفُهُم بِالهدَايَا، وَهُم حَائِرُوْنَ فِي أَنْفُسهم، وَلَمْ يُنْجِدْه أَحَد، وَقَدْ رَاسل صَاحِبَ الرُّوْم مَرَّات، وَكَانَ حَسَنَ التَّدْبِيْر فِي الحِصَار، جَيِّدَ المكيدَة وَالمخَادعَة، براً وَبَحْراً، شتَاءً وَصيفاً، حَتَّى تَفَانت رِجَالُه، وَكَلَّتْ أَبْطَالُه، فَرَكِبَ فِي البَحْر، وَطَلَع حَتَّى قَدِمَ دِمَشْق، وَأُخِذَتْ طَرَابُلُس مِنْهُ سَنَة اثْنَتَيْنِ


(١) النص في " تذكرة الحفاظ ": ٤ / ١٢٤٨: ثم قدم ابن طاهر، وقرأنا عليه جزءا من مجموعاته فيه: سمعت أصحابنا بأصبهان يقولون: إنما تمم الساجي كتاب " معرفة الصحابة " على أبي عمرو بعد موته، وذلك أنه كان يقرأ عليه وهو في النزع ومات وهو يقرأ، وكان يصاح به: تريد أن تغسل الشيخ.
فلما سمعت هذه الحكاية، قلت: ما جرى ذلك يجب أن يصلح هذا، فإنه كذب، وأما قراءة معرفة الصحابة، فكان قبل موت الوالد بشهرين.
(*) معجم الأنساب: ٣٣٩، الكامل في التاريخ: ١٠ / ٣١١، ٣٤٤، ٤١٢، ٤٥٢ - ٤٥٤، ٤٧٧، ٥٣٩، ٥٦٣، ٥٦٨، تاريخ الإسلام: ٤ / ١٢٦ / ١، دول الإسلام: ٢ / ٣٠، تتمة المختصر: ٢ / ٢٩، البداية والنهاية: ١٢ / ١٦٩.